أركان الصلاة:

 

للصلاة أركان تتكون منها، فإذا نقص منها ركن فإن الصلاة تكون ناقصة باطلة ولا يُعتدُّ بها شرعا نُبينها فيما يلي:

1- القيام في الفرض:

لقول اللّه تعالى: { وَقُومُوا للّه قانتين } (البقرة 238). وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " صَلّوا كما رأيْتُموني أُصَلّي " رواه البخاري وأحمد.

وحديث عِمرانَ بن حُصينٍ رضي اللّه عنه قال: كانتْ بي بواسيرُ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال: " صَلِّ قَائماً، فَإنْ لم تستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنبٍ " رواه البخاري.

فمن كان قادرا على القيام ولم يَقُمْ في صلاة الفريضة بطلت صلاته،وأما في النافلة، فصلاة القاعد مع القدرة على القيام صحيحة لكن ثوابه على النصف من صلاة القائم، لحديث ابن عمر رضي اللّه عنهما قال " حُدِّثت أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الرجل قاعدا نصفُ الصلاة ". رواه البخاري ومسلم.

ومن عجز عن القيام في الفرض صلى على حسب قُدرته وله أجرها كاملا لحديث أبي موسى رضي اللّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً " رواه البخاري.

2- تكبيرة الإحرام:

ولفظها "اللّه أكبر"، لا يُجْزي غيرها. لحديث علي رضي اللّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: " مِفْتاحُ الصلاةِ الطّهُور وتحريمها التَّكْبِيرَ وتَحْلِيلُها التسليم " رواه أبو داود والترمذي والحاكم وصححه وغيرهم. ولحديث أبي هريرة في المسيء صلاته: " إذا قُمْتَ إلى الصلاة فَكَبِّر". متفق عليه

3- قراءة الفاتحة:

وهي ركن في كل ركعة من ركعات النفل والفرض على الإمام والمنفرد واختلف في المأموم، والحق أنها ركن فيقرأ بها المأموم في نفسه والدليل على

وجوبها في كل ركعة وعدم سُقوطها لا سهوا ولا جهلا قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عُبادة بن الصامت: " لا صلاةَ لِمنْ لَمْ يَقْرأ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ " رواه الجماعة. ولحديث أبي هريرة رضي اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : "من صَلَّى صَلاةً لَمْ يَقْرأ فيها بِفاتحة الكِتاب فَهِي خِداجٌ ، هي خِدَاجٌ ، هي خِدَاجٌ غَيْرُ تَمامٍ " رواه الشيخان وأحمد.

4- الركوع:

لقوله تعالى: { يا أَيُّهَا الَّذينَ ءامنُوا ارْكعوا واْسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون } (الحج 77). ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: " ثُمَّ اركعْ حتى تَطْمئنَّ راكعاً ". ولحديث أبي مسعود البدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تُجْزِي صَلاةٌ لا يُقيمُ الرَّجُلُ فيها صُلْبه في الركوع والسجود " رواه الخمسة وابن خزيمة وابن حبّان والطبراني والبيهقي وصححه، وقال الترمذي: حسن صحيح.

5- الرفع من الركوع والاعتدال قائماً:

لقول أبي حُميد في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم  : "وإذا رفع رأسه استوى قائما حتى يعود كل فقار(1) إلى مكانه " متفق عليه. وقول عائشة رضي اللّه عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم : "فكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً " رواه مسلم.

ولقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته " ثم ارفعْ حتى تَعتدل قائما "متفق عديه.

6- السجود:

وصفته: أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَه وأَنْفَه وكَفَّيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وأَطْرَافَ قَدَمَيْهِ مِنَ ا لأرْضَ.

والدليل على أنه ركن قوله تعالى:{ يا أيها الذين ءامنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تُفلحون } (الحج 77). وحديث ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : "أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ على سَبْعَةِ أَعْظُمٍ، على الجَبْهَةِ- وأَشارَ بيده إلى أنفه واليدين والرُّكْبَتين وأطرافِ القدمَين ولا نَكْفِتُ (2) الثياب والشعر " رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري.

وقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: " ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ".

7- الجلوس بين السجدتين:

ودليله قول عائشة رضي اللّه عنها عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم : "... وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالسا... " رواه مسلم.

وصفة هذا الجلوس أن يجلس مُفترشاً (أي يَفْرشُ رِجْله اليُسرى فيقعد عليها ويَنْصِبُ رِجْله اليُمْنى ويستقبل بأصابعها القبلة).

8- الطُّمأنينة:

وهي السُّكون وإن كان زَمنه قليلا- أي البقاء بعد استقرار الأعضاء في الركوع والرفع منه والسجود والجلوس بين السجدتين.

والدليل على أن الطمأنينة ركن قوله صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء في صلاته: " ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها " متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه.

9- الجلوس للتشهد الأخير والتسليمتين:

وهو الثابت المعروف من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد كان يقعد القعود الأخير ويقرأ فيه التشهد، وقال للمسيء في صلاته: " فإذا رفعت رأسك من آخر سجدة وقعدت قدر التشهد فقد تمت صلاتك ".

10- التَّشَهُّد الأخير:

والدليل على أنه ركن قوله صلى الله عليه وسلم : "صلَّوا كما رأيْتُموني أصلي ". وأنه صلى الله عليه وسلم  كان يُداوم على ذلك وأمر به المسيء في صلاته. وقول ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم: " كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن " روى قول ابن مسعود البخاري ومسلم وقول ابن عباس مسلم والنسائي.

صيغة التَّشَهُّد:

قد وردت صيغ للتشهد عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأبي موسى الأشعري،وعمر بن الخطاب رضي اللّه عن الجميع، تقترب ألفاظ كل واحدة من غيرها، وأصحُّها تشهُّدُ ابن مسعود، قال مسلم رحمه اللّه تعالى: "أجمع الناس على تشهد ابن مسعود". ومع ذلك فأيَّ صيغة تَشَهَّدَ بها المصلي أجْزأتْهُ إذا كانت واردة بنقلٍ صحيح.

تشهُّد ابن مسعود:

"التَّحيَّات للّه والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا اللّه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ".

11- التَّسْليم:

ثبتت فرضية السلام بقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث علي رضي اللّه عنه: "مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم " رواه أحمد والشافعي و أبوداود وابن ماجه والترمذي وقال: هذا أصَحُّ شيءٍ في الباب.

وعن وائل بن حُجْر رضي اللّه عنه قال: صَلَّيْتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه: "السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته " وعن شماله: " السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته " رواه أبو داود بإسناد صحيح. وإن اكتفى بقوله: " السلام عليكم " أو " السلام عليكم ورحمة اللّه " أجزأه وكله وارد.

12- ترتيب الأركان:

ترتيب الأركان على ما هي مذكورة آنفا ركن من أركان الصلاة فلو سجد الإنسان قبل أن يركع مثلا متعمِّدا بطلت صلاته. وإذا خالف الترتيب سهوا ثم ذكر فإنه يجب عليه أن يعود إلى الركن الذي قدمه فيفعله في ترتيبه. وإلا بطلت صلاته.   دليله حديث المسيء في صلاته، وعمل الرسول صلى الله عليه وسلم  القائل: "صلّوا  كما رأيتموني أصلي " رواه البخاري.

فلم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل خلاف هذا الترتيب ولو مرة واحدة في حياته.

 

 

 

 


(1) فقار: جمع فقارة وهي عظام الظهر.

(2) كفت الشيء: ضمَه- وكفت ذيله: شمَّره.