ثالثا: مَنْ تجب عليه الزكاة:

   

 تجب على المسلم الحُرِّ المالِكِ للنِّصاب.

وُيشْترط في النِّصاب أن يحول عليه الحول، إلا في الزرع فإنه تجب

فيه وقت جَنْيِهِ لقوله تعالى: { وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } (الأنعام 141).

كما يُشْترطُ فيه أن يكون فاضلا عن الحاجات الضرورية كالمسكن والمطعم والملبس والمركب.

 

رابعاً: الأموال التي تجب فيها الزكاة ونِصاب كلٍّ وقيمة زكاته

 

من هذه الأموال:

( أ ) - السائمة (1) من بهيمة الأنعام وهي (الإِبل، والبقر، والغنم).

1- الإِبل: " وهي السائمة ":

روى البخاري في صحيحه بسنده عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه أن أبا بكر الصديق رضي اللّه عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين: "بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول اللّه صلى الله عليه وسلم  على المسلمين والتي أمر اللّه بها رسوله صلى الله عليه وسلم فمن سئلها من المسلمين على وجهها فَلْيُعْطِها، ومن سُئِلَ فوقها فلا يُعْط: في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم في كل خمسٍ شاةٌ فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمسٍ وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى، فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها حِقَّةٌ طَرُوْقةُ الجمل، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعن ففيها جَذَعَةٌ ، فإذا بلغت ستا وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لَبُونٍ ، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حِقَّتان طَرُوقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنتُ لَبون وفي كل خمسين حِقَّة، و من لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقةٌ إلا أن يشاء رَبُّها، فإذا بلغت خمسا من الإبل ففيها شاة... " الحديث.

هذا حديث واضح في مقدار نِصاب الإبل وفي مقدار الزكاة الواجبة فيها على التفصيل، وأما الألفاظ الواردة فيه فمعناها على النحو الآتي:

 

الكلمة الآية

على وجهها

: على القدر الموضح.

فوقها

: زيادة عليها.

شاة

: واحدة الغنم والمقصود هنا من الضأن أو المعز على السَّواء.

بنت مَخاض

: ما لها سنة.

بنت لَبون

: التي لها سنتان.

حِقَّة

: التي لها ثلاث سنين.

طَرُوقة الجمل

: أي استحقَّت أن يُلقحها الذَّكَرُ مِن الإِبل.

جَذَعَة

: التي بلغت أربعَ سنوات.

 

2- البقر:

ليس فيما دون الثلاثين من البقر السائمة زكاة، فإذا بلغت ثلاثين ففيها تَبِيْعٌ أو تَبِيْعةٌ إلى تسعٍ وثلاثين فإذا بلغت أربعين ففيها مُسنَّة فإذا بلغت ستين ففيها تَبِيْعان وفي السبعين مسنة وتبيع وفي الثمانين مُسنتان، وفي التسعين ثلاثة تباع وفي المائة مسنة وتبيعان وفي العشرة ومائة مسنتان وتبيع وفي العشرين ومائة ثلاث مسنات أو أربع تباع.

والدليل على ذلك: ما رواه الإمام أحمد بإسناده عن يحيى بن الحكم أن معاذا قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أصْدُقُ أهْلَ اليمن، وأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تَبِيْعا (2) ومن كل أربعين مُسِنًّة (3) إلى أن قال: "فقدمت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين تَبِيْعاً، ومن كل أربعين مُسِنَّة، ومن الستين تبيعين، ومن السبعين مُسِنَّة وتبيعا، ومن الثمانين مسنتين، ومن التسعين ثلاثَة اتْبَاع، ومن المائة مسنة وتبيعين، ومن العشرة والمائة مسنتين وتبيعا، ومن العشرين ومائة ثلاث مُسِنَّات أو أربعة اتْبَاع، وأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنْ لا آخذ فيما بين ذلك شيئا إلا أن يبلغ مُسِنَّةً أو جذعا يعني تبيعا، وزعم أن الأوْقَاصَ (4) لا فريضةَ فيها". والجواميس كغيرها من البقر لأنها من أنواع البقر.

3- الغنم:

وفي الغنم جاء حديث أنس المتضمن كتاب أبي بكر المتقدم في الإِبل وتكملته مما يخص الغنم قول النبي صلى الله عليه وسلم : "... وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائةِ شاةٍ شاةٌ فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين ففيها شاتان فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاثُ شياهٍ ،فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعينَ شاةٍ شاةٌ واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء رَبُّها" رواه البخاري.

 

 

(ب)- زكاة الحبوب والثمار:

فيها قول الله تعالى: { وَهُوَ الَّذِي أنْشَأ جَنَّاتٍ معْرُوشاتٍ وغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ والنَّخْلَ والزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أكُلُهُ والزَّيْتُونَ والرُّمَّان مُتَشَابِهاً وغْير مُتشابهٍ كُلُوا من ثَمرهِ إذا أثْمَر وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَاه ولا تُسْرِفُوا إنَّهُ لا يُحِبُّ المُسْرفين } (الأنعام 141).

وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ليْس فيما دون خمسة أوْسُقٍ من التَّمْرِ صدقةٌ " متفق عليه.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " فيما سَقَتِ السماء والعيون أو كان عَثَريًّا (5) العشر وفيما سقى بالنَّضْحِ نصف العشر" أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي.

وعن جابر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "فيما سقت الأنهار والغَيم العُشُورُ(6)، وفيما سُقِيَ بالسَّاقية نصف العشر" أخرجه مسلم وأبو داود وقد ورد النص والإِجماع على خمسة أصناف هي: الشَّعير- الحِنطة- ا لسَّلْت (7) 0 الزبيب- ا لتمر.

ويقاس عليها ما في معناها من كونها قوتا مكيلا مدخراً، كالأرُزِّ والذُّرة والعَدَس والفول وغيرها.

النِّصاب الذي تجب فيه الزكاة:

تجب الزكاة إذا بلغ خمسة أوْسُق كما مر في الحديث المتفق عليه.

و الوَسْقُ ستون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم ، فيكون النصاب إذاً: ثلاثمائة صاع. لحديث أبي سعيد الخدري أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الوَسْقُ ستون صاعا" رواه أحمد وابن ماجه.

وتجب زكاة الحَبِّ إذا اشْتَدَّ وفي الثَّمرة إذا بدا صلاحُها، ووقت الحصادِ، لقوله تعالى: {وآتوا حَقَّه يَومَ حَصَادِهِ }

(جـ) زكاة الذهب والفضة:

وهي واجبة بالكتاب والسنة والإجماع.

 فأَمَّا من الكتاب فقوله تعالى: { والذِيْنَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّة ولا يُنْفِقُونها في سبيل اللّه فبشِّرْهم بعذاب أليم } (التوبة 34).

وأما من السنة: فما رواه أبو هريرة رضي اللّه عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما مِنْ صاحب ذَهَب ولا فِضَّة لا يُؤدِّي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صُفِّحت له صفائح من نار فأُحمي عليها في نار جهنم فيُكْوى بها جَنْبُه وجبينُه وظهره كلما بردت أُعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يُقضى بين العباد فيُرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار.. " الحديث. أخرجه مسلم في صحيحه.

والنصاب الذي تجب فيه الزكاة على النحو الآتي:

- الذهب: إذا بلغ عشرين مِثْقالا وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة، والعشرون مثقالا تساوي بالوزن الحالي 85 جراما تقريبا.

- الفضة: إذا بلغت الفضة مائتي درهم وحال عليها الحول وجبت فيها الزكاة لحديث أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "... وليس فيما دون خمس أواقٍ صدقة.. " رواه البخاري. وخمس أواق تساوي مائتي درهم إذ الأوقيَّة أربعون درهما.

ولحديث علي رضي اللّه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك شيء- يعني في الذهب- حتى يكون لك عشرون دينارا، فإذا كانت لك عشرون دينارا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار" رواه أبو داود.

وُيلْحق بالذهب والفضة العملات الورقية.

والمقدار الواجب إخراجه هو ربع العُشر.

(د) زكاة عُرُوض التجارة:

تجب الزكاة في عُروض التجارة لما رواه أبو داود والبيهقي عن سمُرة ابن جُنْدب قال: أما بعد فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نُخرج الصدقة من الذي نَعِدُّه للبيع ". وروى الدارقطني والبيهقي عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "في الإبل صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البقر صدقتها وفي البَزِّ(8) صدقته ".

كيفية إخراج زكاة مال التجارة:

مَنْ مَلَكَ مِنْ عُروض التجارة قدر نصاب وحال عليه الحول قوَّمه آخر الحول وأخرج زكاته وهو رُبْعُ عُشر قيمته.

زكاة الفطر:

هي فرض لما روى ابن عمر رضي اللّه عنهما "أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفِطر من رمضان على الناس صاعاً من تمر أو صاعاً من أقِطٍ أو صاعاً من شعير على كل حُرٍّ وعبدٍ ذكرٍ وأنثى من المسلمين ". متفق عليه وللبخاري: "والصغير والكبير من المسلمين ".

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كنا نُخرج زكاة الفطر صاعاً من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط أو صاعا من زبيب ". متفق عليهما.

وأضيفت هذه الزكاة إلى الفطر لأنها تجب بالفطر من رمضان.

حكمتها:

زكاة الفطر إحسان إلى الفقراء وكف لهم عن السؤال في أيام العيد ليشاركوا الأغنياء في فرحهم وسرورهم به ويكون عيداً للجميع، وفيها تطهير الصائم مما قد يحصل في صيامه من نقصٍ أو لغواً أو إثم.

فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "فرضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاةَ الفطر طُهْرَةً للصائم من اللغو والرفث، و طعمةً للمساكين... "

رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد حسن.

على من تجب؟:

تجب على كل مسلم ذكر أو أنثى حر أو عبد صغير أو كبير.

مقدارها:

يُخْرجُ عن كل فرد صاعٌ من تمر أو أقطٍ أو زبيب أو شعير أو طعام. وقتها: تجب بغروب شمس آخر يوم من أيام رمضان، ويستحب تأخيرها إلى ما قبل صلاة العيد وإن قدمها قبل ذلك بيوم أو يومين أجزأه.

وعن ابن عمر- رضي اللّه عنهما-: "أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر أن تؤدَى قبل خروج الناس إلى الصلاة" [أي صلاة العيد].

 

 

 

 

 


(1) السائمة: هي التي ترعى الكلأ، ولا يشترى لها طعام.

(2) التبيع الذي له سنة ودخل في الثانية.

(3) المسنة التي لها سنتان وهي الثنية.

(4) الأوقاص من البقر مادون الثلاثين أو ما بين الفريضتين. وهو جمع (وَقَص).

(5) العثري: الذي يشرب بعروقه من غير سقي.

(6) العشور بضم العين: جمع عُشر.

(7) السلت: نوع من الشعير لا قشر له، وقيل نوع من الحنطة.

(8) البز: الثيِاب، جمع ثوب.