الخـاتمـة |
||
إن الحقوق الواجبة لصحابة رسول اللّه صلى الله عليه و سلم على كل فرد من أفراد هذه الأمة المسلمة محبتهم وطاعتهم ومتابعتهم و الإقتداء بهم وتوقيرهم و الترضي عليهم والذب عنهم لأنهم مصابيح هذه الأمة التي يستضاء بها بعد نبيها عليه أفضل الصلاة والسلام. |
||
فهم قوم قال اللّه فيهم: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضيِ اللّه عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم}(1). |
||
وقال اللّه تعالى فيهم أيضاً: {والذين تبوؤ الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}(2) وفي هذه النبذة التاريخية اقتصرنا على دراسة بعض جوانب الخلافة الراشدة والتي دامت ثلاثين عاماً تقريباً تقاسمها أربعة من خيار أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من المبشرين بالجنة ممن تربوا في مدرسة النبوة وممن عاشوا حياة الدعوة وعاشوا أحداثها منذ بدايتها. كلهم ترسموا خطا رسول اللّه صلى الله عليه و سلم واستنوا بسنته وساروا على نهجه وهديه وهم الذين يصدق فيهم قول الشاعر: |
||
من تلق منهم تقـل لاقيت سيدهم |
مثل النجوم التي يهدى بـها الساري |
|
فمن خلال دراستنا لحياة الخلفاء الراشدين نجد أنه لم يتولى أحد منهم أمرِ المسلمين بفرض نفسه عليهم أو بفرضه من قبل من سبقه في رئاسة الدولة بدءاَ من أبي بكـر وانتهـاءً بعلي بل كان كل ذلك يتم بشورى من المسلمين وبعد الاختيار المنبثق من الشـورى تتم مبـايعـة الخليفة علناً ثم إذا حصلت البيعة لا يجوز نقضها إلا حين يكون كفرا بواحاً ولذلك لم يهنأ أعداء الِإسلام فبدءوا يحيكون المؤامرات ضد هذه الدولة الإسلامية وهي محاولة لنقض عرى الإسلام فسلك أبو بكر الصديق المسلك الأمثل لمعالجة هذه الظاهرة كـما حصل في حروب الردة فالدعوة والجهاد في سبيل اللّه بعد وفاة الرسول الكريم لم تتوقف فقد نفذ أبو بكر ما كان ينوي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم تنفيذه فأرسل جيش أسامة بن زبد وأرسل أربعة جيوش إلى بلاد الروم وبينما كانت هذه الجيوش في حروب مع الروم وافته المنية فأكـمل الفاروق- رضي اللّه عنه- ما بدأه الصديق فأخضع بلاد فارس وأجزاء كبيرة من بلاد الروم ونظم الدولة فحيكت له مؤامرة أودت بحياته بعد جهاد طويل مع رسول اللّه صلى الله عليه و سلم ومع صاحبه وفي فترة خلافته، وبعد أن لحق بالرفيق الأعلى تولى عثمان- رضي اللّه عنه- فنهج منهج صاحبيه في جهاده والـذب عن حظيرة الإسلام وعمل على توسيع دائرة الإسلام امتثالا لقوله اللّه تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن اللّه مع المتقين}(3). |
||
فوصل المسلمون في عهده حتى أواسط شمال أفريقية غرباً وإلى طشقند شرقاً وإلى بلاد النوبة جنوباً فكاد له اليهود أيما كيد. فقد قتل- رضي اللّه عنه- مظلومـاً شهيداً على بلوى أصـابتـه كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه و سلم فقد جاء في الحـديث الصحيح أن الـرسـول صلى الله عليه و سلم قال لما استأذن عثمان- رضي اللّه عنه- بالدخول عليه: افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه، قال الراوي فأخبرته بما قال رسـول اللّه صلى الله عليه وسلم ، فحمـد اللّه ثم قال: اللّه المستعـان "(4) وقتلته فسقة لأن وجبات القتل مضبوطة ولم يجر منه- رضي اللّه عنه- ما يقتضيه ولم يشارك في قتله أحد من الصحابة ولا أبنائهم وإنما قتله همج من غوغاء القبائل بتحريض من اليهود الذين يعملون بالخفاء فرحم اللّه أمير المؤمنين رحمة واسعة كما أدت اختلاف علي مع عائشة وطلحة والزبير في الرأي لم يكن حول قضية معاقبة الثوار أو عدم معاقبتهم. وإنما في توقيت العقاب وكيفيته فعلي- رضي اللّه عنه- يرى تأجيل ذلك لأن الثوار في حالة قوة حتى لا تتكرر المأساة، والآخرون يرون الإسراع في ذلك وكلهم مجتهد فالمصيب منهم له أجران والمخطئ له أجر كـما أن اغتيال عمر، ثم عثمان، ثم علي –رضي اللّه عنهم أجمعين- أسلوب جبان وخسيس لا يقوم به إلا أعداء الإِسلام والمسلمين ليقضوا على أئمة الدعوة وحماة السنة النبوية حتى يخلو لهم الجو فيعيثوا في الأرض فسادا و يتضح من موقف الحسن- رضي اللّه عنه- مع معاوية بن أبي سفيان- رضي اللّه عنه- حبّه لإِصلاح ذات البين. وانـه من أفضل القرب إلى اللّه، وذلك حينما تنازل وترك الأمر لمعاوية. فرضي اللّه عن الجميع وجمعنا معهم في دار الرحمة إنه سميع قريب. |
||
والحمد للّه رب العالمين وصلى اللّه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. |