|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
المناهج الدراسية مناهج معهد تعليم اللغة العربية |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
المستوى الرابع |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
مقدمـة |
الحمد للّه رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحابته أجمعين، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين. |
أما بعد: فهذه مختارات من تفسير القرآن الكريم جمعناها لطلاب شعبة اللغة العربية لغير الناطقين بها، راعينا فيها سهولة العبارة ووضوح المعنى لتناسب مستوى الطلاب في هذه المرحلة، كـما راعينا فيها أن تجمع عدداً من الدروس تحوي الاهتمام بغرس عقيدة التوحيد ومعرفة جملة من الأحكام والآداب والعبادات والمعاملات مما نزل به القرآن الكريم وحثَّ المسلمين على تعلمه والعمل به وتعليمه. |
ومن أهم أهداف تدريس التفسير ما يلي: |
أولا: أن يدرك الطالب من خلال دراسته للقرآن الكريم وتفسيره أن لغة القرآن الكريم هي أفصح العربية وأعلاها. |
ثانيًا: أن يدرس الطالب نماذج من تفسير القرآن تكون له عوناً في دراسته للتفسير في حياته الدراسية فيما بعد الشعبة. |
ثالثًا: أن يعيش الطالب مع كتاب اللّه تعلماً وتعليماً فينتفع هو به وينفع المسلمين في بلده إذا رجع إليهم ليكونوا على بصيرة من أمر دينهم. |
ونسأل الله تعالى أن ينفع الطلاب بهذه الدروس، وأن يجعل عملنا هذا وسائر أعمالنا خالصة لوجهه، إنه سميع مجيب. |
وصلى اللّه وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. |
مدخل |
معنى التفسير- حكم تَعَلُّمِه - أشهر المفسرين - أشهر كُتُبِ التفسير. |
أ- معنَى التفسير: |
التفسـير لُغَـةً: البَيَانُ والكَشْفُ. فَسَّرَ الشيء إذا وَضَّحَـه وبَيَّنَه. وفى الاصْطِلاَح: عِلمٌ يُرَادُ به فَهْمُ كتاب اللّه تعالى المنزَّلِ على نَبِيِّه محمدٍ صلى اللّه عليه وسلم وبيانُ مَعَانِيه واسْتِخْرَاجُ أحكامِه وَحِكَمِهِ. |
ب- حكم تعلمه : |
أَجْمَعَ العُلَمَاء على أنّ تَعَلُّمَ تفسيرِ القرآنِ الكريمِ "فَرْضُ كِفَايةٍ" على المسلمين وانّه من أَهَمِّ العلومِ الشرعية. |
جـ – أشهرُ المفَسِّرِين : |
اِعْتَنَى الصحابةُ رضوان اللّه تعالى عليهم بتعليمِ القرآن الكريم وفَهْمِ معانِيه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم والعَمَلِ به. قال ابْنُ مسعودٍ رضي اللّه تعالى عنه: "كان الرجلُ منا إذا تَعَلَّمَ عَشْرَ آياتٍ لم يُجَاوِزْهُنَّ حتَّى يَعْرِفَ معانِيَهُنَّ والعَمَلَ بهِنَّ ". وَاشْتُهِرَ كثيرٌ منهم بتفسـير القرآن الكريم، مثل: الخلفاء الراشدين: أبِـي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ رضي اللّه تعالى عنهم أجمعين. وكذلك: عبد اللّه بن عبّاس رضي اللّه عنهما وكـان يُسَمَّى "تَرْجُمانَ القرآن " لِمَا عُرِفَ عنه من الفهم والعِلم الصحيح بمعاني القرآن وقد دعا له النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال "اللهم فَقِّهْه في الدين، وعَلِّمه و التأويل" المرادُ به هنا (التفسير). وممن آشْتُهِرَ بتفسير القرآن من الصحابة كذلك "عبدُ اللَّهِ بْنُ مسعودٍ" رضي اللّه عنه، وكان رضي اللّه تعالى عنه يقول "ما نَزَلَتْ آيةٌ من كتاب اللّه إلا وأنا اعلَمُ فيمن نَزَلَتْ، وأين نزلت، ولو أَعلَمُ أحداً أَعْلَمَ بكتاب اللّه مِنِّي تَنَالُه المطَايَا لأَتَيْتُه". وأخذ التفسيرَ عن هؤلاء الصحابةِ رضوان اللّه عليهم جماعةٌ من التابعين منهم: الحَسَنُ البَصْرِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وعِكْرِمَةٌ مَولَى ابن عَبَّاسٍ وغيرُهم. ونقلوه إلى من بعدَهم، فأخذه عنهم العلماءُ، وأئمـةُ المفسرين، فدوّنوه في الكتب وأَلَّفُوا فيه المَؤلَّفَاتِ الكبيرةَ التي وصل إلينا التفسيرُ عن طريقها. |
د- أشـهرُ كـتب التفسـير: |
(1) تفسيرُ الطًّبَرِيِّ: واسْمُه "جامعُ البيان عن تَأْوِيلِ آيِ القرآنِ " لإِمامِ المفسرين، أولِ مَنْ دوّن عِلْمَ التفسـير "محمـدِ بْنِ جريرٍ الطَّبَرِيِّ " المتوَفَّى سنةَ 310 هـ. جمع فيه أقوالَ الصحابة والتابعين وتابِعِيهم. وُيعَدُّ هذا الكتابُ المرجِعَ الأولَ في تفسـير القرآن الكريم. اعْتَمَدَه مَرْجِعاً كلُّ من جاء بعدَه ممن ألَّف في تفسير القرآن. |
(2) تفسير القُرْطُبي: اسمه (الجامعُ لأحكامِ القرآن) للإِمام أبي عبدِ اللّه محمد بْنِ أحمدَ الأنصاري القُرْطُبِيِّ المتوَفَّى سنةَ 671هـ. |
وطريقتُه قي التفسير: أنْ يذكرَ الآَياتِ ثم يذكر تفسيرَها من المأْثور والمعقول ويذكر الأحكامَ الفقهيةَ ومذاهبَ الفقهاءِ عندَ التَعَرُّض لآيات الأحكام، كـما يَهْتَمّ بالقِرَاءَات وأَوْجُهِ الإِعْراب. وهو من التفاسير المطوَّلةِ المفصلةِ. |
(3) تفسير القرآنِ العظيمِ: للحافظ المحدِّث المؤرِّخ "إِسماعيلَ بْنِ كثيرٍ الدِمَشْقِيِّ " المتوفَّى سنةَ 774هـ وُيعْرَفُ بـ "تفسيرِ ابْنِ كثيرٍ". وهذا الكتاب أشهر ما أُلَّفَ في التفسير بالمأْثور، وُيعَدُّ المرْجِعَ الثانيَ بعدَ تفسير الطَّبَرِيِّ. اعْتَمَدَ فيه تفسيرَ القـرآن بالقرآن، ثم بالحديث، وما ورد عن الصحابة رضي اللّه عنهم، والسَّلَفِ الصالح، ولا غِنًى لطالب العلم عنه. |
(4) تفسير البحرِ المُحِيطِ: للإِمام النَّحْويِّ، المفسِّرِ (محمدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَليٍّ بنِ حَيّان الأنْدَلُسيِّ) المتوفَّى سنةَ 745هـ. وُيعَدُّ هذا الكتابُ المرجِعَ الأولَ في وُجُوهِ إِعراب ألفاظِ القرآنِ الكريم، والمسائلِ النَّحْوِيَّةِ، ومعرفةِ وُجُوه القِراءات وأسبابِ النُّزُولَ. |
(5) فَتْحُ القَدِيرِ: للإِمام المحدِّثِ الفَقِيهِ (محمدِ بْنِ عَليٍّ الشَّوْكَانيِّ) المتوفَّى سنة 1250هـ وُيعَـدُّ هذا الكتابُ أصْلاً من أُصُول التفسيرَ. اسْتَفَادَ من كتب السابقين وزاد عليها. وطريقتُه في التفسير: أن يذكر الآياتِ ثم يُبَيّنَ معناها، وُيورِد القراءاتِ المتعدِّدةَ، وقُرَّاءها، وُيعْرِب كثيراً من الألفاظ، ويذكر مذاهبَ الفقهاء في آيات الأحكام. |
وهناك كثير من التفاسير المختصرة التي تَقْتَصِر على شرح معاني الألفاظ، وبَيَانٍ مُوجَزٍ من التفسير. |
الـدرس الأول |
|
تفسير سورة الفاتحة |
|
|
|
المفـردات: |
|
الكلمة |
معناها |
الفَاتِحَة: |
اسمُ فاعل من فَتَحَ يَفْتَحُ: أي آبْتَدَأَ يَبْتَدِئُ وسمِّيَت هذه السورةُ بذلك لأنها تُفْتَتح بها القِراءةُ في الصلوات وآفْتُتحَ بها المصْحَفُ. |
اللَّه: |
عَلَمٌ لِلرَّبِّ تبارك وتعالى. ويقال إِنَّهُ الاسمُ الَأعْظَم. ولَمْ يُسَمَّ به غيرُ اللّه تبارك وتعالى. |
الرَّحْمَن الرَّحِيم: |
اسْمَانِ مُشْتَقَّانِ من الرَّحْمَة يدلان على سعة رحمته سبحانه وشمولها. والرَّحْمَن أبلغ من الرَّحيم ولم يُسَمَّ به غيرُ اللّه سبحانه وتعالى بخلاف الرَّحيم فقد وُصِفَ به بَعْضُ خَلْقِه. |
الحَمْـد: |
الثَّنَاء بالْجَمِيل، وهو أَعَمُّ من الشُكر، وضده الذَّمُّ. |
رَبّ العالمين: |
خَالِقُهم ورَازِقُهم ومُدَبِّرُ شئُونهِم. والعالمين جمع عَالَم وهو الخَلْق. |
مَالِك: |
المالِك والمَلِك والمَلِيك: صاحبُ المُلْكِ المتصَرِّفُ فيه. |
يَوْم الـدِّين: |
يَوْمُ الجَـزاء وهو يومُ القيامة. دَانَ فُلانٌ فُلاناً يَدِينُه بِمَعْنَى جَازَاه. |
اِهْدِنَا: |
دُلَّنا وَوَفِّقْنا. |
الصِّراط المسْتَقِيم: |
الطَّريق الواضِح الذي لا آعْوِجَاجَ فيه. |
المغْضُوب عَلَيْهم: |
أي الذين غَضِبَ اللّه عليهم وهم اليهود وأمثالُهم ممن عَرَفَ الحقَّ وتَرَكَه. |
ولا الضّالِّين: |
الضَالُّونَ هم الذين لم يَهْتَدُوا إلى الحقِّ وهم النَّصَارَى وأشباهُهم ممن ضَلَّ عن الصِّراط المستقيمِ. |
الإِعـراب: |
|
بِسْم: الباء حرفُ جرٍّ ، اسم: مجرور بالباء وهما متعلقان بمحذوف وهذا المحذوف إما أن يكون فعلا فالتقدير حِينَئِذٍ : أَبْتَدِئُ باسم اللّه أو أقرأ باسم اللّه، وإما أن يكون اسماً فالتقدير حينئذ: اِبْتِدائيَ باْسم اللّه أو قِراءَتَي باَسم اللّه. وتحذف همزة الوصل من "اسم " وتوصل اَلباء بالسين خَطّاً فيَ البسملة فقط. |
العالمين: مُلْحَقٌ(1) بجَمْع المذكَّر السالم يُعْرَبُ إعرابَه فيُرْفَعُ بالواو وُينْصَبُ ويُجَرُّ بالياء. |
إِيّاكَ نَعْبُدُ: إياك ضميرُ نصبٍ منفصلٌ وقع مفعولا به تَقَدَّم على فِعْلِه، وهذا من المـواضـع التي يجبَ أن يؤتَى فيهـا بضمير النصب منفصلا. وتقديمه يفيد القصر أيْ نَعْبُدُك ولا نعبد غيرَك، ومثله في ذلك إِياك نَسْتَعِينُ. |
اِهْدِنَا: اِهْدِ فعلُ أمر ناقص يائيٍّ فهو مَبْنيٌّ على حذف الياء. والمراد به هنا الدعاء بطلب الهِداية وهذا الفعل قدَ يَتَعَدَّى بنفسه كـما في هذا المـوضع، وقد يتعدى بـ "إلى" كـما في قوله تعالى: {وإِنّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } وقد يَتًعَدَّى باللاَّم كـما في قوله تعالى: { أَوَلَـمْ يَهْدِ لَهُمْ كَـمْ أهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِم مِنَ القُرُونِ }. |
صراط الـذين أَنْـعَمْتَ عليهم: بَدَلٌ من الصراط المستقيم، أو عَطْفُ بَيَانٍ يُفَسِّرُه. |
غَيْرِ: بَدَلٌ من الَّذين. |
ولا: لا هنا بمعنى غَيْر وجِيءَ بها لتأكيد النَّفْيِ. |
ما ورد في فَضْلِ سورة الفاتحة وأسمائها: |
ومن أسـمائهـا: أم القرآن - والسَّبْـع المثَانِـي - والحمد والشِّفاء - والواقية- والكافية- وأساس القرآن. |
وقد ورد في فضل سورة الفاتحة أحاديثُ منها: |
1- عن أبي سعيد بن المعلَّى رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال له: لأُعَلِّمَنَّكَ أعظمَ سورةٍ في القرآن قبلَ أن تخرجَ من المسجد. قال: فأخذ بيدي فلما أراد أن يخرج من المسجد قلت: يا رسول اللّه إنك قلت لأُعَلِّمَنَّـكَ أعظمَ سورةٍ في القـرآن. قال: "نعم. { الحمد للّه رب العالمين } هي السبـعُ المَثَـاني والقرآن العظيم الذي أُوتِيتُه " أخرجه البخاريّ وأحمد وأبو داودَ والنَّسَائِيّ. |
2- وعن أُبَيّ بن كعب رضي اللّه عنه أن النبيّ صلى الله عليه و سلم قال له: "أتُحِبُّ أن أُعَلِّمَك سورةً لم يَنْزِلْ في التوراة ولا في الإِنجيل ولا في الزَّبُور ولا في الفرقان مثلها؟" ثم وأخبره أنها الفاتحة. أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وصححه. |
3- وأخرج مسلمٌ والنسـائي والترمذي وصححه من حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلّى صلاةً لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خِدَاخٌ – ثلاثا – غيرُ تامّة". فقيل لأبي هريرة: إِنا نكون ورَاء الإِمام. فقال: اقرأ بها في نفسك، فإني سمعت رسوله اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: قال اللّه عز وجل: "قسمت الصلاةَ بيني وبين عبدي نِصْفَيْنِ ولِعَبْدِي ما سَأَلَ، فإذا قال العبد {الحمد للّه رب العالمين} قال اللّه: حَمِدَني عَبْدِي وإذا قال: {الرحمن الرحيمِ} قال اللّه:-*9 أَثْنَى عليَّ عبدي، فإذَا قال: {مالك يوم الدين} قال: مجَّدَني عبدي، فإذا قال: {إِياك نعبد وإِياك نستعين} قال: هذا بيني وبـين عبـدي ولِعَبْدِي ما سأل فإذا قال: {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أَنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قال هذا لِعَبْدِي ولعبدي ما سأل". |
إِلى غير هذا من الأحـاديث الكثـيرة الواردة في فضل هذه السورة العظيمة والتَي اختارها اللّه سبحانه لِتُكَرَّرَ في كلِّ صلاة بل في كل ركعة من ركعات الصلوات. واللّه الهادي إلى سواء السبيل. |
تفسير السـورة: |
قول اللّه تعالى: {الحمد للّه رب العالمين}: |
الحمد للّه، ثَنَاء أَثْنَى اللّه به على نفسه، وفي ضمنه أَمَرَ عباده أن يُثْنُوا عليه فكأَنَّه قال: قُولُوا الحمد للّه. والحمد للّه: أي الشكر للّه خالصا بما أنعم على عِبَادِه من النِّعَم التي لا يُحْصِيها العَدَدُ ولا يُحِيط بِعَدَدِها إلاَّ الله وحدَه فالحمد للّه وحده. |
{رب العالمين} الرب هو المالك المتصرف، ولا يُسْتَعْمَل لغير اللّه إِلا بالإِضافة فإذا أطلق فلا يقال إلا لِلّه عز وجل. والعالمين جمع عالَم وهو كل ما سِوَى اللّه عز وجل. |
{الرحمن الرحيم} قد سبق تفسير هذا، وقال القرطبي: وصف نفسه بأنه {الرحمن الرحيم} بعد {رب العالمين} لأنه لما كان في اتصافه برب العالمين تَرْهيبُ قَرَنَه بالرحمن الرحيم لما تَضَمَّن من التَّرغيب ليْجَمَعَ في صفاته سبحانه بين الرَّهْبَةِ منه والرَّغْبَةِ إليه فيكون أعونَ على طاعته وأمنع من معْصيته، كما قال تعالى: {نَبِئْ عبادي أنِّني أنا الغفور الرحيم، وأنَّ عذابي هو العذاب الأليم} 49-50 من سورة الحجر. |
وقد أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع في جنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحدٌ". |
قوله تعالى: { مالك يوم الدين }. |
أي مالك يوم الجزاء وهو يوم القيامة، وهو سبحانه له الملك كله في الدنيا والآخرة وحده لا شريك له وإنما خصَّ يوم الدين بالملك لأن ملوك الدنيا لا يدعون يومئذ ملك شيء ولا يتكلم أحدٌ إلا بإذنه كما قال تعالى: {…لا يَتَكَلَمون إلا من أَذِنَ له الرحمن وقال صوابا } الآية 38 من سورة النَّبأ. |
قوله تعالى: { إِياك نعبد وإِياك نستعين }. |
أي نَخُصُّـك وَحْـدَك بالعبادة ونخصك بالاستعانة لا نعبد غيرك ولا نستعين إلا بك. والعِبادة: اسم جامع لكل ما يحبه اللّه ويرضاه من قول أو فعل. وهي: ما يجمع كـمالَ المحبة والخُضُوع والخَوف والرَّجاء. |
والاستعانة هي: التَّوَكُّل، وهذا هو كـمالُ الطاعة، والدِّين يرجِع كله إلى هذين المعنيين، فالأول {إياك نعبد} تبرؤه من الشرك. والثاني { إياك نستعين } تبرؤ من الحول والقوة إلا بالله رب العالمين. وتحول الكلام من الغيبة إلى الخطاب لقصد الالتفات، وفيه فائدة أنه لما أثنى المؤمن على الله فكأنه اقترب وحضر بين يدي الله فخاطبه حينئذ عن قرب. |
قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم}. |
لما تقـدم الثناء على الله تبارك وتعالى ثم إخلاص العبادة له وتمام التفويض إليه نَاسب أن يعقِّب بالسؤال، وهذا أكملُ أحوالِ السائل أن يمدح مسئولـه بـما هو أهلُه ثم يسأل حاجته ولهذا أرشد اللّه إليه لأنه الأكمل. والهِداية: كـما وردت في القرآن الكريم هدايتان: هدايةُ إِرشادٍ ودلالة كـما في قوله تعالى: { وإنك لتهدي :إلى صراط مستقيم } وهداية توفيق كـما في قولـه تعالى لنَبيِّه صلى الله عليه وسلم أيضا: { إنك لا تَهْدِي من أَحْبَبْتَ ولكن اللّه يهدي من يشاء }. والمراد هنا الهداية الشاملة للأمرين جميعا أي يا رب دُلَّنـا على طريق الحق الطريق المستقيم ووَفِّقْنا لِسُلوكه لنَنْجُوَ من عذابك ونفوز برضاك. والمراد بالصراط المستقيم هو دين الإِسلام وهو الحق الذي لا يقبل اللّه من عبادهِ غيره. والدعاء هنا المقصود به الثَّبات والمُدَاوَمَة على الحق من المؤمنين المهتدين. |
قوله تعالى: {صراط الذين أَنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضآلين}. |
وَصْفٌ للصراط المطلوب الهداية إليه في الـدعاء السابق، وهو الصراط الذي لا عِوَجَ فيه، الصراط الذي سلكه من أَنْعَمَ اللّه عليهم وهم: النبيون والصديقون والشُّهَدَاء والصالحون. كما في قوله تعالى: {ومَنْ يُطِعِ اللَّهَ والرَّسُولَ فأولئك مع الذين أَنْعَمَ اللّه عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئك رَفِيقًا}. |
وعن ابن عباس رضي اللّه عنهـما: صراط الذين أنعمت عليهم بطاعتك وعبادتك من ملائكتك وأنبيائك والصديقين والشهداء والصالحين. |
وهو غير صراط المغضوب عليهم وهم الذين علموا الحق وعدلوا عنه وهم اليهود كـما جاء في الحـديث ودلت عليه آيات القرآن، ولا صراط الضالين الذين فقدوا العِلْم فهم لا يهتدون إلى الحق بسبب جهلهم وهم النصارى. روى عن عَدِيِّ بن حاتم رضي اللّه عنـه أنه قال: سألت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {غير المغضوب عليهم} فقال: "هم اليهود"، {ولا الضالين} قال: "النصارى". رواه أحمد والترمذي من طرق. و"لا" في قوله: {ولا الضالين} تأكيد للنفي المفهوم من (غير). |
فـائدة: |
يستحب لمن يقرأ الفاتحة أن يقول بعدها (آمِين) وهو اسم فعل بمعنى (استجب يا رب) لما روي عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنه قال: "كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا تلا {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قال: آمين حتى يسمع من يليه من الصف الأول" رواه أبو داود وابن ماجة. |
ما يستفاد من السورة: |
اشتملت هذه السورة على: |
1- حمد اللّه وتمجيده والثناء عليه بذكر أسمائه الحسنى المستلزمة لصفاته العليا. |
2- ذكر المعاد وهو (يوم الدين) (يوم القيامة والجزاء). |
3- إرشاد عباد اللّه إلى سؤاله والتضرع إليه والتبرؤ من حولهم وقوتهم. |
4- إخلاص العبادة للّه وتوحيده بالألوهية وتنزيهه عن الشريك. |
5- سؤال اللّه الهداية إلى الصراط المستقيم والتثبيت عليه حتى ينالوا رضوان الله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. |
6- التَّعَوُّذ باللّه من سلوك سبيل من غضب عليهم ولعنهم ومن ضلوا عن الحق ولم يهتدوا إليه. |
|
المناقشـة: |
1- اذكر أسماء سورة الفاتحة. ثم اذكر حديثين مما ورد في فضلها. |
2- اشرح معنى الاستعاذة والبسـملة. |
3- بين معنى قول الله تعـالى: {مالك يوم الـدين} وقوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم}. |
4- لم قدم المفعول على الفعل في قوله تعالى: {إِياك نعبد وإِياك نستعين}؟ |
5- اذكر ما يستفاد من السورة. |
6- اشرح المفردات الآتية: |
الحمد – العالمين - يوم الدين – اهدنا - المستقيم. |
(1) و الملحق بجمع المذكر السالم: هو ما لا واحد له من لفظه أو له واحد من لفظه لكنه غير مستكمل للشروط. و شرط الاسم الذي يجمع مذكر سالما: إن كان جامدا: أن يكون علما لمذكر عاقل خاليا من تاء التأنيث و من التركيب و إن كان صفة: أن تكون صفة لمذكر عاقل خاليا من تاء التأنيث ليست من باب أفعل فعلاء و لا من باب فعلان فعلى و لا يستوي فيه المذكر و المؤنث. و أمثلة ذلك عشرون و أخواتها إلى التسعين, و أهلون, و أولو, و عالَمون و عِلِّيون, و سِنُون وبابه. |
الـدرس الثاني |
|
عاقبة المتقين وجزاء المكذبين |
|
قال اللّه تعالى: |
|
|
|
(الآيات من 41 إلى 50 من سورة المرسلات) |
|
|
|
معـاني الكلمـات: |
|
الكلمة |
معناها |
المتَّقِين |
: جمع "المتَّقِي " اسم فاعل من "اِتَّقَى، يَتَّقِي" اتقى الله: أي خاف عِقابَه. فالمتقي هو من خاف عذاب الله فَفَعَلَ الأوامر واجتنب النواهيَ. |
ضِـلال |
: جمع ظلَّ، وهو ضَوءُ شعـاع الشمس إذا استترت عنك بحاجز والمراد به ضلال أشجار الجنة. |
عيون |
: جمع عين، ينبوع الماء الذي يَنْبُع من الأرض ويَجْري. |
فَوَاكِه |
: جمع فاكهَةٍ. ثمارٌ الأشجار اللذيذةٌ. |
مماَّ |
: أصلها (منْ) و(ما) الموصولة أي "مِنَ الذي". |
يَشْتَهونَ |
: اشْتَهى الشيء: أراده ورَغِبَ فيه. المضارع: يَشْتَهي. |
هنيئاً |
: سَهْلاً سَائِغاً لذيذاً في أَكْلِهِ وشُرْبِهِ. |
نَجْزي |
: نُعْطي. نُكافِئْ. |
المحسنين |
: مفرده مُحْسِن. مِنْ "أَحْسَنَ، يُحْسِنُ": فَعَل ما هو حَسَنٌ. |
وَيْلٌ |
: الوَيْلُ – الهلاك والعَذَاب وحُلُول الشَّرِّ. وقيل: هو وَادٍ في جَهَنَّم. |
يَوْمَئِذِ |
: أصلها (يَوْم إِذٍ) أيْ "في ذلك اليوم" |
للمُكَذٍّبِين |
: مفرده المكَذِّب. مِنْ: كَذَّبَ، يُكَذِّبُ، تَكْذِيبًا. والمراد: الذين لا يؤمنون باللّه ورسوله ولا يُصَدِّقُونَ باليوم الآخر. |
تمَتَّعُواْ |
: تَمَتَّع بالشيء: انْتَفَعَ به. |
قليلا |
: مدة قصيرة، زمناً قصيراً |
مُجْرِمُونَ |
: مفرده مُجْرِم - اسم فاعل مِنْ أَجْرَمَ، يُجْرِمُ، إِجْرَاماً، أجـرَمَ: اِرْتَكَـبَ جُرْمـاً. والجُـرْمُ - الـذَّنْـبُ الـقبيحُ العـظيم المُجْرِمون : المُذْنِبُون |
اِرْكَعُوا |
: ركع: انْحَنَى على الهيئة المعروفة في الصلاة والمراد هنا صَّلُّوا فهو من إطلاق الجزء وإرادة الكُلِّ. |
حَدِيث |
: كَلاَم |
بَعْدَه |
: أي بعدَ القرآن. |
يؤمنون |
: يُصَدَّقُونَ. |
|
|
الإِعـراب: |
|
تأمل في الآيات الكريمة ما يأتي: |
|
(1) {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ للمكذبين}. |
|
يومئذ: ظرفُ زمانٍ ومثلها (حِينَئِذٍ ): في ذلك الوقت، (ساعَتَئِذٍ): في تلك الساعة. |
|
المكذِّب: اسم فاعل من كذَّبَ – يُكَذِّبُ - تكذيبا. تقول: كَذَّبت فلاناً، أي جعلته كاذباً، لم تصدقه. وكَذَّب فلان بِكذا: لم يُصَدِّق به. |
|
(2) {وإذا قيل لهم}. |
|
قِيلَ – فعل ماض مبنيٌ للمجهول. المبني للمعلوم منه (قال) معتلٌ العين ثلاثي. ومثله: (صَـامَ – صِيمَ)، (قَـامَ – قِيمَ)، (بَاعَ – بِيعَ). ونائب الفاعل هو مقول القول، جملة (اركعوا). |
(3) {يؤمنون}. |
الفعل - آمن أصله: (أَأْمنَ) المضارع: يُؤْمِن. الأمر منه: آمِن أصله (أَأْمِنْ). |
التفسير: |
قول الله تعالى: {إن المتقين في ضلال وعيون. وفواكه مما يشتهون} يخبر اللّه تعالى عن عباده المؤمنين الصالحين أنهم يَدْخلون الجنة ويتمتعون بظلال أشجارها ويأكلون من ثمارها ويشربون من ماء عُيونها. |
قوله تعالى: {كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون} يقال لهم في ذلك اليوم: كلوا واشربوا هنيئا مريئاً بما عَملتم من الصالحات في الدنيا. |
{إناَّ كذلك نجزي المحسنين}: ومثل ذلك الجزاء يكونُ جزاءَ المحسنين. |
قوله تعالى: {ويل يومئذ للمكذبين. كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون}. ثم يخبرنا الله تعالى عن أحوال المكذبين الذين لا يؤمنون بالله ورسوله ولا يصدقون بيوم القيامة أن لهم العذاب والهلاك في ذلك اليوم. ويقال لهم: كلوا وتمتعوا قليلا في الدنيا فإنها قصيرة الأجل ومتاعها قليل لأنكم مجرمون. |
قوله تعالى: {وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون}. من صفات هؤلاء المكذبين أنهم إذا أمروا بالصلاة لا يصلون. |
قولـه تعالى: {فبأي حديث بعده يؤمنون}: وإذا لم يؤمنوا بهذا القرآن فبأيِّ كلام غيره يؤمنون؟ |
ما ترشد إليه الآيات: |
ترشدنا هذه الآيات الكريمة إلى ما يلي: |
1- أنَّ المتقين الصالحين يكونون يوم القيامة في الجنة يتمتعون بظلال أشجارها ويأكلون من ثمارها ويشربون من ماء عُيُونها. |
2- أنَّ اللّه كريم سبحانه يجازي المحسن على إحسانه ويُضاعف له الحسنات. |
3- أنَّ المكذبين للرسل وما جاءهم من عند الله لهم الويل والعذاب الشديد. |
4- أنَّ متاع الدنيا قليل لأنها ليست دارَ قرارٍ وأن نعيمها زائل. |
5- أنَّ المجرمين المكذبين لنْ يؤمنوا بالآيات والمعجزات و الدعوات لأنهم لم يؤمنوا بالقرآن الكريم. |
المناقشة: |
||
1- |
أجب عن الأسئلة الآتية: | |
|
أ- يذكر الله تعالى في هذه الآيات ثلاث نِعَمٍ تكون للمتقين يوم القيامة. ما هي؟ | |
|
ب- من المخاطب في الآيتين الآتيتين: | |
|
{كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون}؟ |
|
|
{كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون}؟ | |
|
جـ- ما معنى وقوله تعالى: {إنا كذلك نجزي المحسنين}؟ | |
|
د- ما معنى قوله تعالى: {كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون}؟ | |
|
هـ- ما معنى قوله تعالى: {فبأي حديث بعده يؤمنون}؟ | |
2- |
اذكر معاني الكلمات الآتية: | |
|
عُيُون – ضِلال – فَواكِهُ – يشتهون – نَجْزي – ويْل. | |
3- |
هات مفرد الأسماء الآتية: | |
|
ضِلال – عُيُون – فواكه – مُتَّقون – محسنون – مجرمون – مكذبون. | |
4- |
هات المضارع من الأفعال الآتية: | |
|
اشتهى – جزى – تمتع – قال. | |
5- |
اذكر ما يستفاد من هذه الآيات. |
الـدرس الثالث |
|
فضل الجهاد في سبيل اللّه |
|
قال اللّه تعالى: |
|
|
|
(الآيات من 10 إلى 13 من سورة الصف) |
|
|
|
معـاني الكلمـات: |
|
الكلمة |
معناها |
هل |
: حرف استفهام وهي هُنا تفيد التأْكيْدَ. |
أَدُلُّكم |
: أُرشِدُكـم وأخبركم (دَلَّ- يَدُلُّ- دُلَّ). |
تُنْجِيْكم |
: تُنْقِذُكُم وَتُبْعِدُكـم – أنْجَى – يُنْجِي. |
أليم |
: فعيل بمعنى اسم الفاعل أي شديد مُؤْلم يقال: آلَمَ – يُـؤْلِـمُ فهو مُؤْلِـمٌ . أليم بمعنى مُوجِع. |
مساكن |
: جمع مَسْكَن وهو محل السكن والإِقامة. اسم مكانٍ مِن سَكَنَ - يَسْكُن. |
جَنَّات عَدْنٍ |
: جَنَّات. المفرد جنة: بمعنى الحديقة ذات الشجر. وَعَدْن أي إقامة مِنْ عَدَنَ بالمكان أيَ أَقَامَ فيه. |
نَصر |
: عون ومساعدة وإمداد. نَصَر - أي أعان – يَنْصُر - انْصُرْ. |
فَتْحٌ |
: فَتْـحُ البـلادِ والغَلَبَةِ عليها عن طريق الجِهادِ في سَبِيلِ الله تعالى. وهو مَصْدَرٌ فِعْلُهُ فَتَحَ يَفْتَح. |
وَبَشِّرِ المؤمنين |
: أَخْـبِرهم بالخير العَاجل والآجل. بَشَّرَ – يُبَشِّرُ – بَشِّرْ, المصدر تبشير. |
|
|
الإِعـراب: |
|
تأمل في الآيات الكريمة ما يلي: |
|
ا- قولـه تعـالى: {تجـارة تنجيكم من عذاب أليم}. جملة {تنجيكم من عذاب أليم} صفة لتجارة فالجملة بعد النكرة تكون صفة وبعد المعرفة تكون حالا. ومثلها: {جنات تجري من تحتها الأنهار} جملة تجري من تحتها الأنهار صفة لجنات. ومثلها أيضاً قوله تعالى: {وأخرى تُحبّونَها} جُملة تُحِبُّونَها صِفَةٌ لأخرَى. |
مثال الجملة الحالية: {يوم ترى المؤمنون والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم} وجملة {يسعى نورهم} حال من المؤمنين. |
2- {يغفر لكم ذنوبكم. ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار} الفعل: يغفر: مجزوم لوقوعه جواب الطلب والفعل المضارع إذا وقع جوابا للطلب يجزم والطلب هنا متضمن في قوله تعالى: {تؤمنون وتجاهدون} فإنه بمعنى آمنوا، وجاهدوا، و{يدخلكم} معطوف على {يغفر}. |
3- {ومساكن} معطوف على جنات أي (ويدخلكم مساكن) وهو ممنوع من الصرف. |
4- {وأخرى} أي: ونتيجة أخرى فهي صفة لموصوف محذوف. |
التفسير: |
قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم}. أي أيها المؤمنون هل أرشدكم إلى تجارة رابحة في الدنيا والآخرة فيها نجاتكم. ثم فسر هذه التجارة العظيمة التي لا تبور بقوله تعالى: {تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} أي أن الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيل الله بالمال والنفس خير من تجارة الدنيا وأربح. |
قوله تعالى: {يغفر لكم ذنوبكم} أي إن فعلتم ما أمرتكم به. ودللتكم عليه غفرت لكم الزلات وأدخلتم الجنات والمساكن الطيبات والدرجات العاليات. |
ولهذا قال تعالى: {ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم}. |
|
قوله تعالى: {وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين} أي ولكم على ذلك زيادة تحبونها إذا قاتلتم في سبيلي ونصرتم ديني أتكفل بنصركم وأفتح عليكم فتحا عاجلا فهذه الزيادة هي خير الدنيا موصول بنعيم الآخرة لمن أطاع الله ورسوله ونصر الله ودينه ولهذا قال تعالى: {وبشر المؤمنين}. |
|
ما ترشد إليه الآيات: |
|
|
ترشدنا هذه الآيات الكريمة إلى: |
1- | أن أربح التجارة وأعظمها هي الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس. |
2- | أن الإيمان بالله ورسوله أساس قبول الأعمال عند الله. |
3- | أن الجهاد في سبيل الله يترتب عليه نتائج عظيمة في الدنيا والآخرة. |
أ- |
ففي الآخرة: |
1- النجاة من العذاب الأليم. | |
2- مغفرة الذنوب. | |
3- دخول جنات تجري من تحتها الأنهار. |
|
4- دخولُ مساكنَ طيبةٍ في جناتِ إقامةٍ دائمة. |
ب- |
وأما في الدنيا فالنصر من الله الفتح العاجل {وأخرى تحبونها}. |
المناقشة: |
|
1- |
أجب عن الأسئلة الآتية: |
أ- يذكر الله عز وجل في هذه الآيات تجارة رابحة عظيمة. ما هي هذه التجارة؟ | |
|
ب- مع من تكون تجارة المؤمنين؟ وعلى أي شيء تقوم؟ |
|
جـ- ما الأمر الذي لا تقبل الأعمال إلا به؟ |
|
د- ما نتيجة التجارة مع الله في الدنيا والآخرة؟ |
2- |
اذكر معاني الكلمات الآتية: |
|
هَلْ – أَدُلُّكم – تُنْجيكم – أَلِيم – سبيل الله – جناتُ عَدْنٍ |
3- |
هـات مفرد الكلمات الآتية: |
|
أموال – أنفس – ذنوب – جنات - مساكن. |
4- |
لماذا جزم الفلان {يغفرْ لكم وُيدْخِلْكم}؟ |
5- |
اذكر ما يستفاد من هذه الآَيات. |
الـدرس الرابع |
|
وصـايا لقمان لابنـه |
|
|
|
قال اللّه تعالى: |
|
|
|
(الآَيات من 13 إلى 19 من سورة لقمان) |
|
|
|
معـاني الكلمـات: |
|
الكلمة |
معناها |
يَعِظُه |
: يُرْشـده وَينْصَحُـه وُيوصِيه. وَعَظَ، يَعِظُ، عِظْ. والمصدر: وَعْظٌ وعِظَةٌ. والوعظ هو الأمر والنهي مقرونـا بالـترغيب والترهيب. |
الظُّلْم |
: مصدر ظَلَمَ، وهو وَضْعُ الشيء في غَيْرِ مَوْضِعِه وتَجَاوُزُ الحَقِّ. |
وَهْناً |
: مصدر: وَهَنَ- يَهِن. الوهن: الضَّعْف والمشَقَّة |
فِصَالُه |
: فطَامُه من الرّضاعة. |
وَصَّينا |
: امَرْنا وفَرَضْنَا على الإِنسان طاعةَ وَالِدَيْهِ. |
المصِير |
: المرجِع، والعَاقِبَة. |
جَاهَدَاك |
: عَزَمَا عليك أن تَفْعَلَ ما أمَرَاك بِهِ. |
صَاحِبْهما في الدنيا معروفاً |
: أحْسِنْ إليهما في صُحْبَتِك إياهما. |
سبيل |
: طريق. |
أَنَـاب |
: رَجَعَ وتَابَ. |
فأنَبِّئُكم |
: أُخْبِركُم وأحاسبكم. |
مِثْقَالً حَبَّةٍ |
: وَزْنَ حَبَّة. |
خَرْدَل |
: نَبَاتٌ تُسْتَعملُ بُذُورُهُ في العلاج والطَّعَامِ، وحَبُّه أَصْغَرُ الحُبُوب. |
صَخْرة |
: الجمعَ: صَخَرَاتٌ وهي الحِجَارة. |
لَطِيفٌ |
: اسم من أسـماء الله تعـالى، وهو هنا بمعنى: عليم بِخَفَايَا الأمور فلا تَخْفَى عليه الأشياءُ وإن كانت صغيرة. |
المعروف |
: أوَامِرُ الشَّرْعِ وأَعْمَال الخير والبر. |
المنكَر |
: الأمور التي لا تتفق وتعاليمَ الشرع. |
أَصَابَكَ |
: نَزَلَ بكَ من المصائب. |
عزم الأمور |
: هيَ الأمور التي لا تحصل إلا بالصبر والعزم لِعِظَمِها. |
تُصَعِّرْ |
: تُعْرِض بوجهك عن الناسك تكبُّرا واحتقارا لهم. |
خَدّك |
: الخد - جانبُ الوجه. |
مَرَحاً |
: في حال العُجْبِ والاخْتِيَالِ. |
مُخْتَال |
: مُعْجَبٌ بنَفْسِهِ. |
فَخُور |
: متكبِّر عَلى غيره. على وزن فَعُول من الفَخْر وهذه صيغة مبالغة. |
اِقْصِدْ في مَشْيِك |
: اِمْشِ مَشْياً مقتصداً ليس بالبَطِيء ولا بالسَّريع بل وَسَطا. |
اغْضُضْ |
: اِخْفِض: لا ترفع صوتك فيما لا فائدة فيه. |
أَنْكَرُ |
: أَقْبَحُ. |
الأصوات |
: جمع - مفرده: صَوْت. |
الحمير |
: جمع - مفرده حِمَار. |
|
|
الإعـراب: |
|
تأمل في الآَيات الكريمة ما يلي: |
|
1- {بابني} يا: حرفُ نداء يستعمل في المنادى البعيد، وبُنَيِّ: منادى وهو تصغير (ابن) أضيف إلى ياء المتكلم فحكمه النصب وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم. |
|
2- قولـه تعـالى: {لا تُشْرِك باللّه} لا الناهية من جوازم الفعل المضارع. تُشْرِكْ: فعل مضارع مجزوم بلا الناهية. ومثله قوله تعالى: {فلا تُطِعْهما}، {ولا تُصَعِّرْ}، {ولا تمش}. |
|
3- قوله تعالى: {وإن الشرك لظلم عظيم}. |
|
لَظُلم: هذه اللام تسمى اللامَ المزحلقةَ زُحْلِقَتْ من المبتدأ إلى خبر إنَّ، وفائدتها: توكيد مضمون الجملة، ومن شواهدها أيضاً في الآيات: قوله تعالى: {إِنَّ أنكر الأصوات لَصَوْتُ الحمير}. وفي القرآن الكريم شواهد كثيرة لها منها: قوله تعالى: {أو إِنَّ الأبرار لَفِي نعيم وإِن الفجار لَفِي جحيم}. |
4- قوله تعالى: {إنها إِنْ تَكُ}. |
أصل الفعل (تَكُنْ) وحذفت النون للتخفيف. ويجوز حذفها بشرط أن يكون هذا الفعل مضِارعَ كان النَّاقِصَةِ ومَجْزوماً وأن لا يَلِيَها سَاكِنٌ. فلا تحذف في مثل قوله تعالى: {لم يَكُنِ الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكِّين حتى تأتيهم البينة}. |
التفسـير: |
قوله تعالى: {وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك باللّه إنَّ الشرك لظلم عظيم}. |
يُخْبِر اللّه تعالى عن وَصِيَّة لقمانَ لولده وهو يَعِظُه فهو أَشْفَقُ الناس عليه وأحبهم له، فهو يُوصِيه بأفضل ما يَعْرِف. فأوصاه أولا بِأنْ يعبد اللّه وحده ولا يشرك به شيئا. ثم قال مُحَذِّرا له:{إن الشرك لظلم عظيم } أي هو أعظم الظلم. أخرج البخاري ومسلم عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنـه قال: لما نزلت {الَّـذِينَ آمنـوا ولم يَلْبسُوا إيـمانَهم بظُلْمٍ…} شَقَّ ذلك على أصحـاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: أيُّنا لا يلبس إيمانه بظلم؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : "إنه ليس بذلك. ألا تسمع إلى قول لقمان {بابني لا تشرك باللّه إن الشرك لظلم عظيم}"؟. |
قولـه تعـالى: {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وَهْنا على وَهْن}. قَرَنَ الله عز وجل وصيته إِياه بأن يعبد اللّه وحده لا شريك له بالبر بالوالدين وذلك كثير في القرآن الكريم كقوله تعالى: {واعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إِحسانا}. والوَهْن التَّعَب والمشَقَّة وقيل الضعف. |
قوله تعالى: {وفصاله في عامين} أي وتَرْبيَتُه وإرضاعه بعد وَضْعه في عامين، والله عز وجل يذكر الوالدة وحَمْلَها وتربيتها وسَهْرَها ليذَكرًّا الولد إحسـانها المتقـدم إليه. ولهـذا قال: {أن أشْكُر لي ولوالديك إليَّ المصير}. أي: إن فعلت ذلك فإني سأجزيك على ذلك أوفر الجزاء. |
قوله تعالى: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما}. أي إن حرصا عليك كلَّ الحِرْص على أن تتابعهما على دينهما فلا تقبل منهما ذلك، ولا يمنعك ذلك أن تصاحبهما في الدَنيا معروفاً وأن تُحْسِن إليهما. |
قوله تعالى: {واتَّبِع سبيل من أناب إلي} أي. اتبع سبيل المؤمنين الذين، أنابوا إلى الله {ثم إِلىَّ مَرْجِعكم فأئبئكم بما كنتم تعملون} أي ثم ترجعون إليَّ فأعلمكم بأعمالكم التي عَمِلْتموها في الدنيا وأُجَازِيكم عليها. |
قوله تعالى: {يابني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها اللّه} أي أن المظْلَمَة أو الخطيئة وإن كانت مثقالَ حَبَّةِ خَرْدَلٍ وكانت مَخْفِيَّةً في صخرة كبيرة أو في السموات أو في الأرض يُحضرها الله عز وجل حين يَضَع الموازين القسط ويجازي عليها - فلا تَغِيب عنه ولا تخفى عليه {إن اللّه لطيف خبير} أي عليم بخَفَـايا الأمـور لطيف العلم فلا تخفَى عليه الأشياء وإن دَقَّت ولَطُفَت {خبير} بِدَبِيب النَّمْلِ في الليل المظلم. فما بالك بغيره؟ |
قولـه تعـالى: {يا بُنَىَّ أقم الصلاة} أمرٌ مِنْ لقمان الحكيم لابنه بإقـامة الصلاة وأدائها على الوجه الأكمل {وأْمر بالمعروف واْنه عن المنكر} أي افعل ذلك حسب طاقتك وجهدك وأنت مكلَّف بذلك. {واصبر على ما أصابك} لأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لابدَّ أن يَنَالَه من الناس أذى فأمره بالصبر، {إن ذلك من عزم الأمور} أي إن الصبر على أَذَى الناس لَمِن الأمور التي لا تأتي إلا بالعزم وقوة التحمل. |
قوله تعالى: {ولا تصَعِّرْ خدك للناس} وهو أي لا تُعْرِض بوجهك عن الناس إذا كلمتهم أو كَلَّمُوك احتقارًا منك لهم واستكبارًا عليهم ولكن كُنْ لَيِّنًا معهم مبسوط الوجه. |
قوله تعالى: {ولا تمشِ في الأرض مَرَحاً} أي لا تمشِ متكبرا جبارا عنيدا لأنك إن فعلت ذلك يُبْغِضْك اللّه. {إِن اللّه لا يحب كل مختال فخور} إِن اللّه لا يحب كل مُخْتال مُعْجَب بنفسه فَخُور على غيره متكبِّر. |
قوله تعالى: {واقصد في مشيك} أي امش مقتصدا مشياً ليس بالبطيء المتثبِّط ولا بالسريع المُفْرِط، بل عدلا وسطا. قوله تعالى: {واغضض من صوتك} أي لا تبالغ في الكلام ولا ترفع صوتك {إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} فهو أقبحَ الأصوات. |
فهذه وصايا نافعةٌ جدا، وهي من قصص القرآن العظيم عن لقمانَ الحكيمِ في تربية الأبناء وإرشاد الآباء إلى ما فيه صلاح الدنيا والآخرة. |
ما ترشد إليه الآَيات: |
ترشدنا هذه الآَيات إلى ما يأتي: |
1- عدم الإشراك باللّه وإخلاص العبادة له وهي أعظم الوصايا. |
2- البرِ بالوالدين والتذكير بفضلهما السابق. |
3- التمسكِ بالدين والاستقامة عليه مهما كانت دواعي الهدم ولو أمره والداه بالشرك. |
4- الأمرِ باتباع طريق المُنِيبين إلى ربهم التائبين إليه. |
5- التَّذكيرِ بأن اللّه لا يخفَى عليه خافية ولا يغيب عنه شيء ولو كان مثقالَ حَبَّةٍ من خَرْدَل. |
6- الأمرِ بإقامة الصلاة والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. |
7- النهي عن التكبر والاختيال. |
8- الأمرِ بالاعتدال في المشي وخفض الصوت. |
المناقشـة: |
|
1- |
أجب عن الأسئلة الآتية: |
أ- اشتملت الآَيات على وصايا نافعة فلمن هذه الوصايا؟ وممن هي؟ اذكر هذه الوصايا. |
|
ب- ما معنى قول اللّه تعلى: {إن الشرك لظلم عظيم} وما نوع اللام في {لظلم}؟ |
|
جـ- ما معنى قوله تعالى: {إنها وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما}؟ |
|
د- ما معنى قوله تعالى: {وإنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله}؟ ولماذا حذفت النون من تكن؟ وما حكم هذا الحذف؟ ومتى يكون؟ | |
2- |
هـات جمع الكلمات الآتية: |
سَبِيل – صَخْرة – حِمار - صوت. |
|
3- |
هات المضارع والأمر من الأفعال الآتية: |
صَبَرَ – قَصدَ – غَضًّ - أنَابَ - أمَرَ - نَهَى. |
|
4- |
لماذا جزمت الأفعال: (تُشْرِكْ – تُطِعْهُمَا – تُصَعِّر - تَمْشِ)؟ وما علامة جزم كل منها؟ |
5- |
اذكر ما يستفاد من هذه الآيات. |
الـدرس الخامس |
صـفات عـباد الرحمن |
|
قال اللّه تعالى: |
|
(الآيات من 63 إلى 77 من سورة الفرقان) |
معـاني الكلمـات: |
|
الكلمة | معناها |
هَوْنًا |
: الهَوْن : السَّكِينَة والوَقَار - فُلان يَمشي هَوْنًا - أي يمشيِ بوَقَاٍر وتَوَاضُع . |
خاطبهم |
: خَاطًبَ، يُخَاطِبُ، خِطَابٌ. خَاطَبَ فُلانًا - وَجَّهَ إليه كَلاماً. |
الجاهلون
|
: جمعٌ مفـرده جَاهِـلٌ - اسم فاعـل من - جهِـل. يَجْهَل والمصدر جَهْلٌ. وله معنيان: 1- ضِدُّ العِلْم. تقول - فلان يَجْهَل كذا أي لا يَعْرِفُه. 2- ضد الحِلْم. تقـول – جَهِلَ فلانٌ عَلَى فُلانٍ أي تَسَافَهَ عليه وأسَاءَ إِليه والمراد في الآَية المعنَى الثاني. |
قالوا سلاَمًا |
: يقولون للجهال كلاما يَدْفَعُونًهم به برِفْقٍ ولِينٍ وبأَدَبٍ مُقَابِلَ السَّفَهِ. |
يَبِيتُون |
: بَاتَ يفعل الشيءَ: فَعَلَهُ لَيلاً. وبات في مكان كذا: قضى فيه الليل. والمراد المعنى الأول. |
سُجًّداً |
: مفرده ساجد، ومثله رُكَّعٌ جمع راكع. نوَّم جمع نائِم. |
وقِياما |
: جمع قَائِم - مثل صِيَام: جمع صائم. |
اِصْرِف |
: فِعْلُ دُعَاءٍ من - صَرَفَ يَصْرِفُ. صَرَفَ الشيءَ: رَدَّه من وَجْههِ وأَبْعَدَه عنه. |
غَرَامًا |
: الغَرَام الملازم الدائم. |
سَاءَتْ |
: سَاءَ: فِعْلٌ يُسْتَعْمَلُ لإِنْشَاءِ الذَّمِّ كـ(بِئْسَ). يقال: سَاءَ ما فعلت. (ساء ضده حَسُنَ). |
مستقرًّا |
: المستقرّ: المنزل، وهو اسم مكان من: استقرَّ. |
ومُقَاما |
: أقام في المكان: سكن فيه. المقام: مَحَلُّ السَّكَن والإقامة. |
أَنْفَقُوا |
: أنفق المالَ: بَذَلَه وصَرَفَهُ. |
يُسْرِفُوا |
: أَسْرَفَ في إِنفاق المال: بَذَّرَه وأَضَاعَـهُ فيما لا فائدةَ فيه. مصدره (إِسْرَافٌ). |
يَقتروا |
: قًّترَ - يُقٍّـتر – تَقْتِيرا، و قًترَ – يَقْتر – قَتْراً – وَقُتُورا، وأقْتر- يُقْتر - إِقْتَارا بمعنى واحد. وهو البُخْلُ والتضيِيق في النَّفَقَةِ. |
قَوامًا |
: عَدْلا. وَسَطا. |
أَثاما |
: الأثام: جَزَاءُ الآَثم، عِقابه. |
يُضَاعَفْ |
: ضِعْفُ الشيءِ أو العَـدَدِ مِثْلُه – ضعف الواحـد - (اثنان) ضـعـف الـعشرة (عشرون) جمعـه أضعـاف - وضَـاعَفَ الشيء: جَعَلَه أضعافاً. |
مُهَانًا |
: اسم مفعول من (أهَانَ- يُهِينُ). والمعنى: مُحْتَقَرا ذليلاً. |
تَـابَ |
: رَجَعَ إلى اللّه تعالى وتَرَكَ هذه الأعمال السَّيِّئَة. |
يُبَدِّل |
: بَدَّلَ الشيء شَيْئاً آخَرَ: جَعَلَهُ مَكَانَهُ. |
السَيِّئات |
: مفرده سَيِّئَة - وهي: العمل الذي يُذَمُّ فاعِلُه، وضد السيئة الحَسَنَة. |
مَتَابَا |
: مصدر ميميّ من تاب أي تَوْبَة نَصُوحاً صادقةً. |
الزُّور |
: الكذب والبُهْتان. |
اللَّغْو |
: الباطل الساقط من القول أو الفعل. |
كِراماً |
: أي يُكْرِمون أنفسَهم باَبْتِعادهم عن اللغو، وهو جمع كريمٍ. |
لم يَخِرُّوا عليها صُمًّا وعُمْيَانًا: |
: أي لم تَصَمَّ آذانُهم ولم تَعْمَ أبصارهم عند سَمَاعهم التذكيرَ بآيات اللّه بل يَخرُّون سُجَّداً وبُكِيًّا. وكلمـة صُمّ جمع أَصَمّ وهـو من لا يسمـع، و عُمْيَان جمع أعْمَى وهـو من لا يبصر. |
هَبْ |
: أمْرٌ من وَهَبَ أي مَنَحَ وأعطى. هب لنا: أعْطِنَا، اِمْنَحْنَا. |
قُرَّة أَعْينُ |
: حُصُول الرِّضا وما يَسُرُّ الناظرين. |
الغُرْفة |
: الدَّرَجَةُ الرفيعة وهي أَعْلَى مَنَازِلِ الجنةِ وأَفْضَلُها. |
تَحِيَّة |
: مصدر حَىَّ - يُحَيِّ أي سَلَّم - يُسَلِّمُ. |
ما يَعْبَأ |
: ما يُبَالي – والعِبْءُ: الثِّقْل. |
لِزامًا |
: لازِما، مُلازما جِدًّا، ثَابِتَ الوُقُوعِ. |
|
|
الإِعـراب: |
|
تأمل في الآيات الكريمة ما يأتي: |
|
1- {يَبيتُون} بَاتَ - يَبِيت. من أَخَوَات (كان). ترفع المبتدأ وتَنْصبُ الخبر نحو: محمد قائم - باتَ محمدٌ قائماً. |
|
2- {مستقرا ومقاما}. |
|
المسْتَقَرّ - اسم مكان من (اسْتَقَرَّ، يَسْتَقِرُّ). |
|
المُقام - اسم مكان من (أقَامَ، يُقِيمُ). |
|
يكـون اسم المكان من الفعل غيرِ الثُّلاثِيِّ المجرد عَلَى وَزْنِ اسْمِ المفعول نحو: مُجْتَمَع، مُسْتَشْفًى، مُسْتَقَرٌّ ، مُقَام. |
ويكون من الفعل الثلاثي المجرد على وزن: (مَفْعَل، ومَفْعِل). |
نحو: (مَسْجِد، مَنْزِل، مَجْلِس). (مَلْعَب، مَكْتَب، مَسْكَن). |
3- {ومن يفعل ذلك يلق أثاما}. |
مَنْ: اسم شرطٍ يجزم فعلين. الأول فعل الشَّرط والثاني جوابه. |
يَفْعَلْ: فعل الشرط. |
يَلْقَ: جوابُ الشرط مجزومٌ بحذف لامِهِ لأنه (معتلّ اللامِ) وأصله يَلْقَى. |
قوله تعالى: {ومن تاب وعمل صالحا فإِنَّه يتوب إِلى الله مَتابا}. |
مَنْ: شرطية، تاب فعـل الشرط، فإِنـه يتوب الجواب وهو جملة اسمية ولذلك اقترن بالفاء. |
{أولئك يجزون الغرفة بما صبروا}. |
أولئك مبتـدأ، وجملة يجزون الغرفـة خبر المبتدأ. و"ما" في {بما صبروا} مصدرية أي بصبرهم. |
{حَسُنَتْ مستقراً} مستقرا تمييز نسبة، وهو محوّل عن الفاعل أي حَسُنَ مستقرُهم فيها. |
{لولا} حرف امتناع لوجود. دعاؤكم مبتدأ خبره محذوف تقديره: لولا دعاؤكم كائِنٌ أو موجود. |
{لزاما} خبر "يكون " منصوب واسمها محذوف تقديره: فسوف يكون جزاء التكذيب لزاما. |
التفسير: |
قول اللّه تعـالى: {وعِبَادُ الرَّحْمَنِ الذين يمشون على الأرض هونا…} الآيات. هذه صفات عباد اللّه المؤمنين {الذين يمشون على الأرض هونا} أي بسَكِينَةٍ ووَقار من غير اسْتِكْبارٍ وليس المراد أنهم يمشـون بضَعْفٍ كالمرضَى تَصَنُّعـاً ورِياء فقد كان سَيِّدُ وَلَدِ آدمَ عليه الصلاة والسلام إذا مشى كأنما تُطْوَى له الأرض. وهذه الصفة الأولى لهم. |
قوله تعالى: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} أي إذا سَفِهَ عليهم الجُهَّال بالقول السيئ لم يقابلوهم عليه بمثله بل يَعْفُون ويَصْفَحُون ويقولون خيرا. وهذه الصفة الثانية. |
قوله تعالى: {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} أي: يَقْضُون الليل ساجدين وقائمين في طاعته وعبادته وفي آية أخرى قال اللّه تعالى: {كانوا قليلاً من الليل ما يَهْجَعُون وبالأسحار هم يستغفرون} (17-18 من الذاريات). وهذه هي الصفة الثالثة. |
قولـه تعالى: {والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إِن عذابها كان غراما} إن عباد الرحمن أهل دعاء، والدعاء هو العبادة، فهم يدعون الله ربَّهم أن يباعد بينهم وبين عذاب النار لأنه يلازم أصحاب النار ولا ينفكُّ عنهم. وجهنم أسوأ مكان يستقر فيه ويقام فيه، وهذه هي الصفة الرابعة. |
قوله تعالى: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما}. أي إنهم ليسوا مًّبَذِّرين يَصْرِفـون فوق الحـاجـة ولا بُخَلاءَ مقصرين بل هم معتدلون في الإنفاق. وهذه صفتهم الخامسة. |
قولـه تعـالى: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم اللّه إلا بالحق ولا يزنون} أي إنهم لا يُشرِكون بعبادة اللّه إلـها آخر. ويبتعـدون كذلك عن قتل النفس بغـير الحق. أما القِصاص ورجْمًّ الزاني الثَّيِّبِ وقَتْلُ المرتد حَدًّا فهذا قتل بحق. وما عداه فهو بغير حقٍّ. كذلـك يبتعـدون كل البُعْد عن فاحشَة الزنى وسائِر الفواحش، وهذه صفتهم السادسة. |
قوله تعالى: {ومن يفعل ذلك يلق أثاما} أي أن من أشرك باللّه في عبادتـه أو قتل نفسا بغير حق أو زنى فَسَيَلقى عذابا شديدا ونَكالا، فيضَاعَفُ له العذابُ ويبقى فيه مُهَانا ذَلِيلا حَقِيرا وذلك قوله تعالى: {يُضَاعَفُ له العذابُ يومَ القيامة ويَخْلدْ فيه مهانا}. |
قوله تعالى: {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل اللّه سيئاتهم حسنات وكان اللّه غفورا رحيما} اسْتَثْنَى اللّه تعالى من هذا العذاب التائبين فإن التوبةَ تمحو ما قبلَها من ذُنُوب، والتوبةُ هنا مقرونةٌ بالإيمان والعَمَلِ الصالح. فليست التوبة كلاما يقوله الإنسان فَحَسْبُ بل لابدُّ من بُرْهان عليها وهو الإيمان والأعمال الصالحة المقرونة بالإِقْلاَع عن الذَّنْب والنَّدَم على ما فات والعَزْم على أن لا يعود للذنب أبداً، ورَدّ المظالم إلى أهلها. وما ذكر فهو شروط التوبة النصوح. فمن تاب فإن اللّه يُغَيِّر السيئات التي اقترَفَها إلى حسنات وكان اللّه غفورا رحيما يغفر لعباده المستغفرين ويرحمهم. |
قوله تعالى: {ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى اللّه متابا} أي من تاب وعمل صالحا فإن الله يقبل توبتَه ويعفو عنه، أو من أراد أن يتوب إلى اللّه ويعمل صالحا فَلْيَتُبْ إلى اللّه توبةً نصوحاً. |
قولـه تعالى: {والذين لا يشهدون الزور وإذا مرّوا باللغو مرّوا كرامًا} قيل الزور هو: الشِرْك وعبادة الأصنام، وقيل الكَذِب والفِسْق واللَّغْو والباطل، وقيل هو: اللغو والغِناء، وقيل المراد: شَهَادة الزور وهو الكَـذِب المُتعَمَّد كـما جاء الحـديث الصحيح: "ألا أنبئكم بأكـبر الكبائر"؟ ثلاثـا، قلنا: بلى يا رسول اللّه قال: "الشرك باللّه وعُقُوق الوالدين " وكان مُتَّكِئا فجلس فقال: "ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور" فمازال يُكَرِّرها حتى قلنا: لَيْتَه سكت. أخرجه الشيخان عن أبي بكر رضي اللّه عنه مرفوعاً. فعباد الرحمن لا يشهدون الزور وهذه صفتهم السابعة. |
قولـه تعالى: {والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا} أي أنهم إذا ذكروا باللّه وآياته خَرُّوا سُجَّدًا وبُكِيًّا لأنهم يعقلونها ويفقهون معانِيَها، فليسوا في ذلك مثل الكفار الذين تَصَمُّ آذانهم وتَعْمَى أبصارهم عن آيات اللّه فيُوَلُّون مستكـبرين كأن لم يسمعـوها. وهذه صفتهم الثامنة. |
قوله تعالى: {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما} أي أنهم يسألون اللّه تعالى أن يرزقهم الذريَّة الصالحة التي تعبده وتوحده ولا تشرك به شيئا، فتقرُّ بهم أعينهم في الـدنيا والآخرة. فهم لا يريدون مجرد الزوجـات ولا مجرد الذرية بل يريدون زوجاتٍ صالحاتٍ وذريةً صالحةً تقرُّ بها الأعْيُنُ في الدنيا والآخرة. كـما يسألون اللّه تعالى أن يجعلهم أَئِمَّةً يقتدى بهم في الخير، وهداة دعاة إلى الخير. وهذه صفتهم التاسعة. |
قوله تعالى: {وأولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقَّون فيها تحية وسلاما خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما}. لما ذكر تعالى من أوصاف عباده المؤمنين ما ذكر من الصفات الجميلة والأقوال والأفعال الجليلة قال بعـد ذلك كله: أولئك المتصفون بهذه الصفات يجزون الجنة بسبب صبرهم على ذلك وُيلَقَّون فيها التحية والإِكرام والتوقير والاحترام فلهم السـلام وعليهم السـلام. خالـدين فيها أي مقيمين لا يُحَوَّلُون عنها ولا يَظْعَنُون ولا يموتون. حَسُنَتْ مستقرا ومُقاما أي حسنت منظرا وطابَتْ منزلا. |
قوله تعالى: {قل ما يعبؤا بكم ربى لولا دعاؤكم} أي لا يبالي ولا يكترث بكم، وما يصنـع بعـذابكم؟ لولا دعاؤه إياكم إلى الإيمان به وتوحيده وعبادته على ألسنة رسله. |
قوله تعالى: {فقد كذبتم فسوف يكون لزاما} فقد كذبتم بآياتي وكذبتم رُسُلي أيها الكافرون فسوف يكون تكذيبُكم سَبَبا في لزوم عذابكم واستمراره. واللّه تعالى أعلم. |
ما ترشد إليه الآيات: |
|
|
ترشدنا الآيات الكريمات إلى ما يأتي: |
أ- |
صفات عباد اللّه المؤمنين وهي: |
1- أنهم يمشون بسكينة ووقار. |
|
2- أنهم إذا سَفِـهَ عليهم الجاهلون لم يقابلوا سفَهَهُم بِسَفَهٍ بل لا يقولون إلا خيرا. |
|
3- أنهم قليلا ما ينامون من الليل بل يجتهدون في قيام الليل. |
|
4- أنهم يتضرعون بالدعاء إلى اللّه أن ينجيهم من عذاب النار. |
|
5- أنهم معتدلون في إنفاقهم فلا يسرفون ولا يبخَلون. |
|
6- أنهم لا يشركون باللّه شيئا في عبادتهم، ولا يقتلون نفسا بغير حق ولا يقتربون من الفواحش. |
|
7- أنهم لا يشهدون الزور ولا يجلسون مجالس اللغو والباطل. |
|
8- أنهم إذا ذكروا بآيات اللّه وَجِلَت قلوبهم وزادتهم إيمانا. |
|
9- أنهم يدعـون اللّه تعالى أن يرزقهم الزوجـات الصالحات والذرية الصالحة. |
|
10- أنهم يسألون اللّه أن يجعلهم هُدَاةً مُهْتَدِين دُعاةً إلى الخير. |
|
ب- |
أن اللّه تعالى يقبل توبة عباده إذا هم تابوا إليه ويرحمهم ويغفر لهم إن استغفروه. |
جـ- |
أن عباد اللّه المؤمنين جزاؤهم أعلى درجات الجنة. |
د- |
أن الكافر لا وَزْنَ له عند اللّه تعالى وأن الإنسان يقدَّر بإيمانه عند اللّه سبحانه وتعالى. |
|
|
المناقشـة: |
|
1- |
أجب عن الأسئلة الآتية: |
أ- جاء في هذه الآيات أوصاف عباد الرحمن. اذكرها. |
|
ب- ما معنى قوله تعالى: {يمشون على الأرض هونا}؟ |
|
جـ- ما معنى قوله تعالى: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما}؟ |
|
د- ما معنى: {قالوا سلاما}؟ |
|
هـ- ما معنى: {لا يشهدون الزور }؟ |
|
2- |
هات مفرد الكلمات الآتية: |
عِبَاد – جاهلون - سُجَّدٌ – قِيَام – سَيِّئات – حَسَنَات – صُمّ – عُمْيَان. |
|
3- |
هـات المضارع والمصدر من الأفعال الآتية: |
مشى- خاطب- بات- صرف- أ نفق- أصف- قًتر- دعا- لَقِيَ- خرَّ. |
|
4- |
استخرج من الآيات ما يأتي: |
أ- فعلا من أخوات كان وبيّنَ اسمه وخبره. |
|
ب- اسم مكان. |
|
جـ- أسلوب شرط وبيّنَ جوابه. |
|
5- |
اذكر ما يستفاد من الآيات. |
الـدرس السـادس |
فريضـة الصـيام |
|
قال اللّه تعالى: |
|
(الآيات من 183 إلى 185 من سورة البقرة) |
|
معـاني الكلمـات: |
|
الكلمة |
معناها |
كُتِبَ عَلَيْكُم |
: فُرِضَ عليكم: أوْجَبَهُ اللَّهُ تعالى. |
الصِّيامُ |
: مَصْـدَرُ: صَام يَصُومُ. وهو لغةً: الإِمْسَـاكُ وشَرْعًا: الإِمـساك عن المـفْطِرَاتِ من طُلُوعِ الـفـجر إلى غُرُوب الشَّمْسِ مع النِّيَّةِ. |
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكم |
: الأمَمُ السابقةُ. |
مَعْدُودات |
: لهن عَدَدٌ مَعْلُومٌ . |
فَعِدَّةٌ |
: العِدَّةُ: المعدودُ، والمراد: عَدَدُ الأيام الَّتي أَفْطَرَهَا. |
أخَر |
: جمع مفرده (أخْرَى) وهو ممنوع من الصَرف. |
يُطِيقُونَهُ |
: يَقْدِرُون عليه بمَشَقَّةٍ. |
فِدْيَةٌ |
: ما يُفْتَدَى به منَ المال وغيرِه وهي كالتَّعْويض بِسَبَبِ التَّقْصير في ا لعبادة. |
هُدًى |
: هَادِيًا إلى الخير والاسْتِقَامَةِ. |
الفُرْقَان |
: الذي يفرُق بين الحَقِّ والباطل. |
شهِدَ |
: أي حَضَرَ وكان مُقِيماً غيرَ مسافرٍ. |
اليُسْرُ |
: السُّهُولَةُ والتَّخْفِيف. |
العُسْر |
: المشَقَّةُ والعَنَتُ والصُّعُوبة. |
وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ |
: أي لِتُتِمُّوا أيامَ الشَّهْرِ المفروض عليكم صيامه. |
الإعـراب: |
لاحظ في الآيات ما يأتي: |
1- في قوله تعالى: {ولَعَلَّكم تَتَّقُونَ، ولعلهم يرشدون}. |
لَعَلًّ: حَرف ترَجٍّ وهو طَلَبًّ الأمرِ المحبوب، تكون للإشفَاق في المحذورِ. وهي حرف مشَبَّهٌ بالفعل يَنْصِب المبتدأ وَيرفَع الخَبَرَ. |
واسمُها هنا الضمير المتصل (كم) وخبرُها جملة الفعل والفاعل في (تتقون). |
وتـأتي بمعنى الإشفاقِ ومن شواهِدِها قولُه تعالى: {لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفسَك ألا يكونوا مؤمنين}. |
كـما تأتي بمعنى (كَيْ) للتعليل ومن شواهـدهـا {لَعَـلِّى أبْلُغُ الأسْبَابَ} {لَعَلَّنَا نَتَّبعُ السَّحَرَةَ إن كانوا هم الغالبين}. |
2- في قوله تعالى: {فعِدَّةٌ من أيام أُخَرَ}. |
عدة: مبتدأ خبره محذوف والتقدير (فَعَلَيهِ عِدَّةٌ). |
3- في قوله تعالى: {فدية طعام مسكين}. |
طعام بَدَلٌ من فِدْيَةٍ. |
4- في قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ منكم الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}. |
فَلْيَصُمْه: اللام للأمر. ولام الأمر حرف جزم طلبي يجزم المضارع وهو مبني على الكسر وُيسَكَّنُ بعد الواو والفاء وثم. |
التفسـير: |
قوله تعالى: {أيها الَّذِين آمَنوا كتِبَ عَلَيْكمُ الصِّيَامُ}. |
خطابٌ من الله تعالى لعبادِهِ المؤمنين بِأَنَ الصَّوْمَ فريضة عليهم. {كَمًا كُتبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكًمْ} وهم أهل المللِ السابقةِ. { لَعَلّكُمْ تًتَّقُونَ} بيان لعلة فَرْضِ الصوم والحِكْمةٍ منه وهو أنه السبيل إلى تَقْوى اللّه عزّ وجـلّ بِترْكِ الشًّهَوَات المباحَةِ امْتِثالاً لأَمْره، وتَرْوِيضًا للنفوس وتعويدها كَسْرَ الشهوات والصبرَ على الطاعات واجتنابَ المعاصي. وقد كان فرضُ الصوم في السنة الثانية للهجرة. |
قوله تعالى: {أياماً مَعْدُودَاتٍ} أياما معينة بِعَدَدٍ معلومٍ وهي أيامُ شهرِ رَمَضَانَ، تخفيفا ورحمة- لهذه الأمة. |
قوله تعالى: {فَمَنْ كان مِنْكُم مَرِيضاً أو عَلَى سَفَرٍ} من كان مريضاً أو مسافراً سَفَرَ إباحةٍ فأَفْطَرَ {فعدةٌ من أيام أخر} شَرَعَ سبحانه لهما أن يُفْطِرَا ويَقْضِيَا أياماً بعدد التي أفطرها تَيْسِيراً منه تعالى ورحمة بعباده المؤمنين. |
قوله تعالى: {وعلى الذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طعامُ مسكينٍ}. |
أخرج البخاري ومسلم من حديث سلمة بن الأكوع قال: لما نزلت هذه الآية {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} كان من شاء صام ومن شاء أفطر ويَفْتَدِي، حتى نزلت هذه الآية بعدها فنسختها {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُم الشَّهرَ فَلْيَصُمْه}. فهذه الآية كانت رُخْصَهًّ عند ابتداء فَرْضِ الصـوم لأنه شقّ عليهم، فكان من أطعم كل يوم مسكيناً ترك الصوم وهو يُطِيقُه ثم نُسِخَ ذلك. |
قوله تعالى: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فهو خَيْرٌ لَهُ}. من زاد في الإِطعام وأطعم أكثر من مسكين فهو خير له ثم بين سبحانه أن الصيام خير من هذا كله {وأنْ تَصُومُوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون}. أي أن الصيام خير لكم وأفضل من الإِفطار مع الفِدْيَة. |
قوله تعالى: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أنِزْلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هَدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنات مِنَ الْهُدَى والفُرْقانِ} بَيانٌ لفضلِ شهرِ رمضانَ الذي بدأ فيه نزولُ القرآنٍ العظيمِ الذي أكرم اللّه به هذه الأمةَ وجعله هدايةً ونوراً وفرقاناً بين الحق والباطلِ وسبيلاً إلى السعادة في الدنيا والآخرة. |
{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} من حضر هذا الشهر وكان مقيماً غيرَ مسافرٍ مكلَّفاً قادراً فقد وجب عليه الصومُ. |
{ومَنْ كَانَ مَرِيضاً أو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَةٌ من أيامِ أُخَرَ} تخفيفاً منه تعالى عن المريض والمسافر سَفَرَ إباحةٍ أن يُفْطِرَا على أن يَقضِيا أياما أخرى مكانَ الأيام التي أفطرها بعددها. |
قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}. أي فيما فرض عليكم من صيام الأيام المعـدودات، والتخفيفِ عن المـريض والمسافر يريد بكم في هذا التخفيف والرحمةَ والسهولةَ واليسَر، ولا يريد بكـم المشقَّةَ والعَنَتَ. |
قولـه تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ} وعدد أيام الشهر كما ورد في الحديث الصحيح: " صوموا لرؤيته وأَفْطِروا لرؤْيته فإن غم عليكم فاقدروا له ". |
{ولتُكَّبروا اللهَ على ما هداكم}. وهذا التكبير ليلةَ العيدِ إلى أن يصلي الإِمام صلاةَ العيدِ. {ولَعَلَّكُم تَشْكُرُونَ} هذه النعمةَ والتيسيرَ. |
ما ترشد إليه الآَيات: |
ترشدنا هذه الآيات إلى ما يأتي : |
1- أن الصيام فُرضَ وسيلةً إلى تَقْوى اللّه تعالى وتربيةً للنفس على الطاعة. |
2- أن الصوم فُرِضَ على هذه الأمة، كـما أنه كان مفروضاً على الأمم السابقة. |
3- في الآيات دليل على إبـاحـة الفطر للمريض والمسافر سفرَ طاعةٍ و إِباحة وعليهما قضاءُ الأيام التي أفطراها. |
4- في قولـه تعالى: {فَمًنْ شَهِد منكم الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه} دليل على وجوب صوم رمضان على كل مسلم مكلَّف قادر مقيم. |
5- سماحـةُ التشريعِ ويسره لهذه الأمة عن الأمم السابقة كـما جاء في الحـديث عنه صلى الله عليه و سلم " إن هذا الدين يُسْرٌ ولن يشاد الدين أحدٌ إلاّ غلبه ". رواه البخاري. |
6- اِسْتِحْبَابُ التكبير ليلةَ عيدِ الفطر إلى أن يصلِّيَ الإِمامُ صلاةَ العيدِ روي ذلك عن عبد اللّه بن عباس وابن مسعود رضي اللّه عنهم أنهما كانا يفعلان ذلك. |
|
|
|
المناقشـة: |
|
|
أجـب عـن الآتي: |
1- |
ما الصوم لغةً وشرعاً؟ وما حكمه؟ ومتى فرض؟ |
2- |
ما حكم الفطر للمريض والمسافر؟ وما الذي يلزَمُهما؟ اذكر الدليل من الآيات. |
3- |
في الآيات بيان أن اللّه تعالى اخْتَصَّ شهرَ رمضانَ بأفضلية. ما هي؟ |
4- |
بين معنى قولـه تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}. وما الحكم الذي يؤخذ من الآية؟ |
5- |
في الآيات دليل على يسرِ التشريعِ الإسلاميِّ وسَمَاحَتِه بين ذلك. |
6- |
اذكر معنى الآتي: |
|
كُتِبَ - الذين من قبلكم - معدودات - عِدَّة - اليُسْر - العُسْر - هُدًى - الفرقان- شَهِدَ- لِتُكْمِلوا العِدَّة. |
7- |
في الآيات دليل مشروعية التكبير ليلة العيد. بين ذلك. |
الـدرس السـابع |
من الآداب الاجتماعية في الإِسلام |
قال اللّه تعالى: |
|
(الآيات من 11 إلى 13 من سورة الحجرات) |
معاني الكلمات: |
|
الكلمة |
معناها |
يسخَر |
سخِرً فلانٌ مِن فُلانٍ احْتَقَرَهُ واسْتَصغَرَ شأْنَه. |
عَسَى |
فِعْـل جًامِد لا مضارع له ولا أمر، ويكون بمعنى الرَّجاءِ ويكون بمعنى الإِشفاق وهو هنا بالمعنى الثاني. |
تَلْمِزوا |
لَمزَ فلان فلانا عَابَهُ وقال فيه سُوءاً. |
تَنابَزوا |
تَتَنابَزُوا - تَنَابَزَ يَتَنَابَزُ - تَنَابُزٌ - تنابز القوم دعا بعضهم بَعْضاً باسم أو لقب يكرهه- |
نَبَزَه |
عابه – يَنْبِزُه : يعيبه. |
بِئْسَ الاسم |
بِئس: فعل لإنشاءِ الذَّمِّ. والاسم هنا المقصود به الصفة التي يتصفون بها. |
الفُسوق |
مصدرٌ من فَسَقَ يَفسُقُ، أي خرج عن طاعة اللّه. |
يَتُب |
تاب يتوب رَجَعَ إلى ربه وأقلع عن ذنبه. |
الظالمون |
جمع الظالم وهو اسم فاعل من ظلم إذا تَعدَّى حدود اللّه وتجاوز أوامِر اللّه ونَواهِيَه. |
اجتَنِبوا |
اتركوا - اجتَنَبَ الشيْءَ: ابتعد عنه. |
الظنّ |
القول بدون علم والتُّهمة والتَّخَوُّن في غير مَحَلِّه. |
إثْـم |
ذنب، وَخَطِيْئَةٌ. |
تَجَسَّسُوا |
تَتَجَسَّسُـوا: تجسَّس: تتبـع أحـوال الناس وبحث عن عوراتهم سرّاً والتجسُّس يطلق غالباً في الشر ومنه الجاسوس والتَّحَسُّسُ يكون في الخير غالباً. |
ولا يغتب |
اغتاب يغتاب: ذكر أخاه بما يكره. |
شعوبا وقبائل |
شعـوبا جمع شَعْب والشعب هو الجمع من الناس من جنس واحد. وهو أعم من القبيلة : والقبيلة واحدة من قبائل الشعب. |
|
|
الإِعـراب: |
|
لاحِظ في هذه الآيات الكريمات ما يلي: |
|
1 - {ولا يسخرْ قومٌ} لا الناهية وهي تجزم المضارع، فالفعل يسخرْ مجزوم بلا النـاهية: ومثله {ولا تلمـزوا أنفسكم}، {ولا تنابزوا بالألقاب}، {ولا تجسَّسوا}، {ولا يَغْتَبْ بعضكم بعضا}. |
|
2- {ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون} هو مَن شرطية وجملة أولئك هم الظالمون جملة الجواب. واقترنت بالفاء لأنها اسمية. |
|
3- الأفعال: {تَنابزوا} {تَجسسوا}، {تَعارفوا} أصلها: تَتَنابزوا، تَتَجسسوا، تَتَعارفوا. فالفعل إِذا كان من بابي تَفَاعَلَ وَتَفَعَّل وكان مضارعه مبدوءًا بالتاء جاز حذف إحدى التاءَيْن منه تخفيفاً. |
4- {وَجعَلْناكم شعوباً}: الفعل جَعَل من الأفعال التي تنصب مفعولين فالكاف المفعول الأول وشعوباً المفعول الثاني. |
التفسـير: |
قول اللّه تعالى: {يأيها الذين آمنوا لا يسخرْ قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نِساءٌ من نِساءٍ عسى أن يَكنَّ خَيراً منهنَّ}. ينهى اللّه تعالى المؤمنين عن السخرية من الناس والاستهزاء بهم واحتقارهم فإِنه قد يكون المحتقَرُ أعظمَ قدرا عند اللّه تعالى وأحبَّ إِليه من الساخر منه المحتقِرِ له. وخصَّ النساء مع أنهن داخلات في نهي القوم لأنهن يشيع بينهن هذا الأمر أكثر من الرجال. |
قوله تعالى: {ولا تَلْمِزُوا أنفسكم} أي لا تذكروا عيوب الناس فالهمِّاز اللمَّاز مِن الناس مَذْموم كـما قال تعالى: {وَيْل لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمزَةٍ}. |
وقـولـه تعالى: {ولا تنابزوا بالألقاب}: أي لا ينادي بعضكم بعضا بالألقاب التي يسوء الشخصَ سَمَاعُها. روي أنها نزلت في بني سَلَمَة. |
قَدِمِ النبي صلى الله عليه وسلم وليس فيهم رجل إلاّ وله اسمان أو ثلاثة فإذا دُعِيَ بأحدها غضِبَ فنزلت الآية. |
وقولـه تعالى: {وبِئْسَ الاسمُ الفُسُوقُ بَعْد الإيمانِ}. أي هذه الصفة وهي الفسوق والخروج بعد الإِيمان أسوأ صفةِ لأنها من عادات الجاهلية. |
قوله تعالى: {ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون}. أي ومن لم يتب من هذه الذنوب وضل على عصيانه فقد ظلم نفسه ظلماً كبيراً وظلم غيره فسيحاسب على ظلمه ويقتص منه. |
وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إنَّ بعض الظنِّ إثم}. ينهى سبحانه عباده المؤمنين عن كثير من الظن وهو التهمة والتَخَوّنُ للناس في غير محله لأن بعض ذلك يكون إثماً خالصاً وذنبا عظيما. |
قوله تعالى: {ولا تجسسوا} أي لا يتتبع أحدكم عورات الآخرين ولا يبحث عن عيوبهم. |
قوله تعالى: {ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه}. ينهى الله تعالى عن الغيبة وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل: "ما الغيبة"؟ قال صلى الله عليه وسلم : "ذكرك أخاك بما يكره". قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال صلى الله عليه وسلم : "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فقد بهته"(1)، والغِيبة محرمة بالإجماع ولا يستثنى من ذلك إلا ما رجعت مصلحته كالجرح والتعديل والنصيحة. وقد ورد فيها الزجر الشديد ولهذا شبهها تبارك وتعالى بأكل اللحم من الأخ الميت كما قال تعالى: {أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه} أي كما تكرهون هذا الفعل بطبعكم فاكرهوا ذلك المحرم شرعا. |
قوله تعالى: {واتقوا الله إن الله تواب رحيم} أي اخشوا الله ربكم وراقبوه فيما أمركم به ونهاكم عنه إن الله تواب على من تاب إليه رحيم بمن رجع إليه واعتمد عليه والتوبة من الغيبة الإقلاع عنها والعزم على عدم العودة إليها، والندم على الوقوع فيها، مع الاستغفار لمن وقعت فيه الغيبة، والله تعالى أعلم. |
قوله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير}. يخبر الله تعالى الناس جميعا بأنه خلقهم من نفس واحدة وجعل منها زوجها وهما: آدم وحواء. وجعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا، فالناس جميعا بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء سواء وإنما التفاضل يكون بالتقوى. وهي طاعة الله تعالى و اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي أن يسخر أحد من أحد أو يلمزه أو ينابزه أو يظن به غير الخير أو يغتابه فأنه أخوه. والمؤمنون إخوة، فأفضلهم عند الله منزلة أتقاهم. إن الله عليم بكم خبير بأعمالكم وسيجازيكم عليها. |
ما ترشد إليه الآيات: |
ترشدنا هذه الآيات الكريمة إلى ما يلي: |
1- النهي عن السخرية والاستهزاء بالناس واحتقارهم. |
2- النهي عن اللمز والإفساد بالقول السيء. |
3- النهي عن التنابز بالألقاب والالتزام بالإيمان وعدم الخروج على طاعة الله. |
4- النهي عن الظن السيء بالناس لأنه إثم عظيم. |
5- النهي عن التجسس. |
6- النهي عن الغيبة وتشديد الزجر عليها فقد شبهت بأكل لحم الأخ ميتاً. |
7- الأمر بتقوى الله عز وجل وتمام طاعته. |
8- بيان أن منشأ الناس جميعا واحد وأنهم مخلقون من أبٍ واحد وأم واحدة ولا فضل لأحد على أحد إلا بتقوى الله عز وجل. |
|
|
المناقشـة: |
|
1- |
أجب عن الأسئلة الآتية: |
أ- نَهَى اللّه المؤمنين في هذه الآيات عن أمور. اذكرها. |
|
ب- شَبَّه اللّه تعالى الغِيبَةَ بحالٍ قَبيحَةٍ . اذكرها. |
|
جـ- بيّن اللّه تعالى للناس أنهم مخلوقَون من أصل واحد. اذكر الآية التي تبين ذلك. |
|
د- ما معنى قوله تعالى: {إن بعض الظن إثم}؟ |
|
هـ- هل هناك تَفَاضُل بين الناس؟ وبأَيِّ شيء يكون؟ |
|
2- |
هـات معاني الكلمات الآتية: |
|
لا تَلْمِزوا – لا تنَابَزوا – إثـم – لا يَغْتَبْ. |
3- |
اذكر ماضي الأفعال الآتية: |
يَتَجَسَّسُ - يَتَنَابَزُ – يَلْمز - يَغْتَاب. |
|
4- |
استخرج الآيات ما يأتي: |
أ- مضارعا مجزوما بلا الناهية وبيِّن علامة جزمه. |
|
ب- مضارعا مجزوما بِلم وبيَن علامة جزمه. |
|
جـ- فعلا ينصب مفعولين وبيِّن المفعولين. |
|
د- جواب شرطٍ مقترنا بالفاء. |
|
5- |
بيِّن ما ترشد إليه الآيات. |
(1) رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. |
الـدرس الثامن |
وجوب توحيد اللّه تعالى |
|
قال اللّه تعالى: |
|
(الآيات من 163 إلى 167 من سورة البقرة) |
|
|
معاني المفردات: |
|
الكلمة | معناها |
الإله |
كل ما عبد. |
الرحمن |
وصف على وزن فعلان معناه كثير الرحمة وهو خاص بالله تعالى. |
الرحيم |
وصف على وزن فعيل معناه كثير الرحمة. |
الفلك |
السفينة (ويطلق على المفرد والجمع ويذكر ويؤنث). |
بَثَّ |
نَشَرَ وفَرَّقَ. بَثَّ يَبُثُّ والمصدر بث. |
الدَابَّةُ |
كلُ حيوان في الأرض وجمعها: دواب. |
وتصريف الرياح |
توجيهها وتدبير أمرها، والرياح جمع ريح وهو الهواء إذا تحرك. |
والسحاب |
الغيم وجمعه سحب، والقطعة منه سحابة. |
المسخر |
المذلل، المقهور. |
أنداد |
جمع ند بمعنى مثل. |
كرة |
رجعة، وعودة، مرة أخرى. |
الأسباب |
جمع سبب وهو الصلة والعلاقة. |
حسرات |
جمع حسرة وهي شدة الحزن. |
|
|
الإعراب : |
|
تأمل ما يلي: |
|
1- {لا إله إلا هو}: لا نافية للجنس وإله اسمها و إلا أداة استثناء "هو" بدل من محل لا النافية للجنس واسمها. |
|
2- {إن في خلق السماوات والأرض…………لآيات لقوم يعقلون} اللام المزحلقة دخلت على اسم إن المتأخر عن خبرها الذي هو شبه جملة (في خلق السموات)، آيات اسم إن منصوب بالكسرة لأنه جمع بالألف والتاء. |
|
3- { بما ينفع الناس }: ما هنا إما مصدرية وإما موصولة. |
|
4- {ومن الناس من يتخذ }………… هذه من التبعيضية. |
|
5- {كحب الله }: مصدر مضاف إلى المفعول والفاعل محذوف أي المؤمنين. |
6- {والذين ءَامنوا أشد حبا لله} حبا تمييز النسبة منصوب محوّل عن الفاعل. |
7- {وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم} لو هنا للتمني والفاء فاء السببية والفعل منصوب بأن مضمرة وجوبا. |
8- {كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم}. |
يُري إما أن تكون بصرية فتكون حسرات حالاً. وإما أن تكون قلبية فتكون حسرات المفعول الثالث. |
9- {وما هم بخارجين من النار}. |
ما الحجازية العاملة عمل ليس، و زيدت الباء في خبرها. |
التفسير: |
قوله تعالى: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم}. |
يخبر الله تعالى عن تفرده بالألوهية وأنه لا شريك له ولا عديل. بل هو الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي وسعت رحمته كل شيء في الدنيا وخص بها في الآخرة المؤمنين به. وقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم} {الم. الله لا إله إلا هو الحي القيوم}" أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه. |
قوله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض…} الآية. لما بين سبحانه تعالى أمر التوحيد وأشار إلى أنه أول ما يجب بيانه ويحرم كتمانه في الآيات السابقة عقب ذلك بالدليل الدال عليه، وهو هذه الأمور التي هي من أعظم صنعة الصانع الحكيم سبحانه والتي لا يتأتى من الآلهة التي أثبتها المشركون أن تقدر على شيء منها. وهي: خلق السموات والأرض، وتعاقب الليل والنهار واختلافها ظلمة ونوراً، وجَرْيُ الفُلْكِ في البحر، وإنزال المطر من السماء وإحياء الأرض به وبث الدواب فيها بسببه وتصريف الرياح شمالا وجنوباً وشرقاً وغربا ورحمة وعذابا ومُلقحة وعقيما. فإن من فكر فيها بل في واحدة منها كان لزاماً عليه التصديق بأن صانعها هو الله سبحانه وتعالى. |
روي عن أبي الضحى قال: لما نزلت، {وإلهكم إلـه واحد…} قال المشركون إن كان هكذا فَلْيَأْتِنا بآية، فأنزل اللّه عز وجل: {إنَّ في خلق السموات والأرض…} الآية. رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم و البيهقي في الشعب وغيرهم. |
قوله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين ءامنوا أشد حبا لله….}. |
وبعد أن ذكر سبحانه وتعالى الدليل على وحدانيته، أخبر أنه مع هذا الدليل الظاهر المفيد لعظيم سلطانه وجليل قدرته وتفرده بالخلق قد وجد في الناس من يتخذ معه سبحانه نداً يعبده من الأصنام والأشخاص والملائكة والجن والأموات من الصالحين والرؤساء وعلماء السوء في طاعتهم إياهم في معصية الله تعالى مع أن هؤلاء المشركين لم يقتصروا على مجرد عبادة الأنداد بل أحبوها حبا عظيما وبالغوا في ذلك حتى صار حبهم إياها متمكنا في صدورهم كتمكن حب المؤمنين لله سبحانه وتعالى. |
وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: أيُّ الذنب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك" الحديث. |
وفي قوله تعالى: {والذين ءامنوا أشد حبا لله}. |
أخبر سبحانه وتعالى أن المؤمنين يحبون الله عز وجل حبا لا يعدلُه حب هؤلاء لآلهتهم مهما بالغوا في حبها، وذلك لأن حب المؤمنين ربهم خالص لا يخالطه شيء آخر. أما هؤلاء المشركون فأنهم إنما يعبدونها لتقربهم إلى الله زلفى كما يزعمون. |
قوله تعالى: {ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب}. |
أي: ولـو يرى الـذين ظلموا أنفسهم بشركهم بالله حين يرون العذاب في الآخرة بسبب شركهم أَنْ لا قوة لآلهتهم بل القوة لله جميعا وأنه شديد العقاب، لَعَلِموا ضَرَرَ اْتِّخاذِهم الآلهةَ التي يعبدونها من دون اللّه. فعلى ذلك يكون جواب "لو" محذوفاً. |
قوله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب}. |
حينئذ تتبرأ الآلهة التي عبدت من دون الله من عابديها الذين أشركوها مع الله فتبرأ الملائكة والجن والرؤساء والعلماء والأصنام والأشجار والأحجار والنجوم والكواكب ممن عبدوها من دون الله. عند ذلك يتمنى المشركون أن يعودوا إلى الدنيا ليتبرءوا من عبادتهم لآلهتهم ويوحدون الله التوحيد الكامل وهو في ذلك كاذبون لأن الله تعالى يقول فيهم وفي أمثالهم {ولو ردُّوا لعادوا لما نهوا عنه}. |
وذلك قوله تعالى: {وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كـما تبرءوا منا}. |
قوله تعالى: {كذلك يريهم اللّه أعمالَهم حسراتٍ عليهم وما هم بخرجين من النار}. |
أي أنهم مثل ما رأوا شركاءهم وكبراءهم وتخاصموا فيما بينهم وتحاجُّوا في النار فإِن اللّه يريهم الأعمال التي عملوها في الدنيا فيتحسرون عندما يجدونها هَباء منثوراً لا تقرِّبهم من الجنة ولا تخفف عنهم من العذاب شيئاً بل يجدون أنفسهم ماكثين في النار خالدين فيها أبدا و بئس المصير. |
ما ترشد إليه الآيات: |
1- وجوب توحيد الله سبحانه وإفراده بالعبودية. |
2- أن التفكُّر في عظيم خلق اللّه واْتّساع مَلَكُوتِه تَفُكَّرا سليما يؤدي إلى توحيده سبحانه. |
3- أن من الناس من عَمِيَت بَصَائِرُهم وأغْلِقَتْ قلوبُهم فلا ينتفعون بآيات الله الدالة على توحيده تعالى ولُزوم طاعَتِهِ. |
|
4- أن المشركين يَتَحَسَّرُون يومَ القيامة على شِركَهم حيثُ يُعَانُونَ عذاب الله الشديد. |
|
5- أن الآلهة التي تعبد من دون اللّه تبرأ إلى اللّه يوم القيامة من عابديها وتبتعد عنهم، وتتقطع أحبال المودة والصلة التي كانت بينهم في الدنيا. |
|
6- أن المشركين يَخْلُدُون في النار ولا يخرجون منها أبدا. |
|
|
|
المناقشـة: |
|
1- اشرح الكلمات الآتية: |
|
|
الفُلْك – الدَابَّة - الرِيح - ا لسَّحاب – الكرَّة - النِّد. |
2- هـات جمع الكلمات السابقة. |
|
3- اشرح الآيات شرحا مختصرا. |
|
4- بين مـا يستفاد من هذه الآيات. |
|
5- استخرج من الآيات دليلاً على خلود الكفار في النار. |
|
6- اذكر النص الذي يستفاد منه تخاصم العابدين مع المعبودين يوم القيامة. |
|
7- اذكر الآية التي تضمنت بيان قدرة اللّه وعظمته وتدبيره الحكيم. |
الـدرس التاسع |
بطلان عقيدة النصارى |
|
قال اللّه تعالى: |
|
(الآيات من 72 إلى 76 من سورة المائدة) |
|
معـاني الكلمـات: |
|
الكلمة |
معناها |
حَرَّمَ |
حَرَّمَ الله الشيء جَعَلَهُ حَرَاماً وضِدَّهُ: أحَلَّ أي جَعَلَهُ حلالاً. |
مَأْواهُ |
المأوى، المسكن، المنزل. |
أنصار |
جمع: نصير أي: أعوان. |
ثالث ثلاثة |
واحدٌ من آلهة ثلاثة. |
ينتهوا |
انتهى عن الشيء: تركه ورجع عنه. |
ليمسن |
مسه العذاب: أصابه. ومس الشيء: لمسه بيده. من باب: فعل – يفعل. |
أَلِيم |
بمعنى مؤلم- أي شدِيدُ الألم. |
خَلَتْ |
خَلا: مَضَى وذَهَبَ. |
صدِّيقَةْ |
مُصَدِّقَةٌ، مؤمِنة باللّه تعالى وكَلِمَاتهِ ورُسلِهِ بِكُلِّ ما جاء من عنده تعالى. |
نُبيّنُ |
بَينًّ الشيء: أَوْضَحَه. |
أَنِّى |
كَيْفَ. |
يُؤْفَكُونَ |
أفـكً فلاناً عن الشيء: صَرَفَهُ عنه. يُؤْفَكُونَ: يُصْرَفون عن قبول الحق، يقال: أَفَكَ، يَأْفِكُ صَرَفَ يَصْرِفُ، ويأتي أفَكَ بمعنى: كَذَبَ وافترَى. |
الضر |
ضد النَّفْعِ. |
إسرائيل |
لقب يعقوب عليه السلام. و بنو إسرائيل المراد بهم (هنا) اليهود الذين بعث فيهم عيسى عليه السلام. |
الإعراب: |
تأمل في الآيات الكريمة ما يلي: |
1- قول الله تعالى: {من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة}. |
من: اسم شرط جازم يجزم فعلين. |
يشرك: شرط مجزوم بـ(من). |
فقد حرم: جواب الشرط. |
إذا كان جواب الشرط جملة فعلية فعلها مقرون بـ (قد) يجب اقترانه بالفاء. |
ومن شواهدها في القرآن أيضاً. |
قوله تعالى: {ومَنْ يُطع اللّهَ ورَسوله فقدْ فازَ فوْزْا عظيما} |
{إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أخٌ له من قَبْلُ}. |
2- قوله تعالى: {ثُمَّ أنْظُرْ أَنَّى يُؤفَكُونَ}. |
أَنَّى: كيف. ولها معانٍ أُخْرَى: |
فتأتي بمعنى (مَتَى). نحو: أَنَّى جِئْتَ؟ |
وتأتي بمعنى (مِنْ أَيْنَ). كـما في قوله تعالى: {يا مريم أنَّى لك هذا}. |
وقـد تتضمن معنى الشرط فتجـزم فعلين: نحـو: أَنَّى تَجْلِسْ أَجْلِسْ. وهي هنا بمعنى (أين). |
3- قوله تعالى: {لَيَمَسَّنَ الذين كفروا}. |
يَمَسّ: فعلٌ مضارع مؤكد بالنون. |
يجب توكيد الفعـل المضـارع بالنـون إذا كان جوابـاً لِقَسَمٍ مثبتـاً مستقبـلاً. نحـو: "واللَّهِ لأَحْفَظَنَّ القرآنَ". "واللّه لأُجَاهِدَنَّ في سبيل اللّه"- وقوله تعالى: {وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ}. |
ولا يجوز توكيدُ المضارع الواقِع جوابا لقسم إذا كان مَنْفِيًّا. نحو: "واللّه لا نـترُكُ الكُفَّارَ ينشرون دينهم في بلادنا". |
4- قوله تعالى: {وإِن لم ينتهوا عما يقولون ليمسَّنَّ الذين كفروا}. |
يتكون من: |
أ- إن لم يَنْتَهُوا يَمَسَّ الذين كفروا منهم عذابٌ أليمٌ (شرط وجوابه). |
ب- واللّه لَيَمَسَّنَّ الذين كفروا منهم عذاب أليم. (قسم وجوابه). |
إذا اجتمع شرط وقَسَمٌ كان الجواب للسابق منهما وكان جواب المتأخر محذوفا. مثال ذلك: |
1- إِنْ تُسَافِرْ أُسَافِرْ. |
2- واللّه لأَسافِرَنَّ. |
إذا قدمنا القسم قلنا: واللّه إن تسافِرْ لأسافِرَنَّ. |
هنا الجواب للقسم. وإذا قدمنا الشرط قلنا: إِنْ تُسَافِرْ واللَّهِ أُسَافِرْ. هنا الجواب للشرط. وفي الآية الكريمة الجواب للقسم لأنه السابق، والقسم محذوف تقـديره: "واللّه إن لم…" ويدل على وجـود القسم "اللام " الداخلة على الفعل "ليمسنَّ". |
التفسير: |
قول اللّه تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذينَ قالوا إِنَّ اللَّهَ هو المسيحُ ابنُ مريم وقال المسيحُ يبنى إسرائيلَ اعبدوا اللَّهَ رَبّى ورَبَّكم إنَّهُ من يشركْ باللَّهِ فَقَدْ حرَّم اللَّهُ عليه الجنةَ ومأواه النارُ وما للظالمينَ من أنصارٍ}. |
يُخْبِرُ تعالى حاكـما بتكفير النصارى الذين قالوا إن المسيح هو اللّه تعالى اللّه عن قولهم وتَنَزَّه وتَقَدَّسَ. وقد سبق أن قال المسيح في المهْد: {إني عبد اللّه} ولم يقل: إنّي أنا اللّه. ثم قال لهم في كُهُولَتِه ونبُوَّته آمراً لهم بعبادة اللّه ربه وربِّهم وحدَه لا شريك له {اُعْبُدوا اللّه رَبِّى وربَّكم} لأن الذي يُشرِكُ بعبادة ربِّه أحداً قد أَوْجَبَ اللّه له النارَ وحَرَّم عليه الجنةَ، وليس للظالم أي المشركِ ناصرٌ ولا مانِعٌ مما هو فيه. |
قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ}. يَحْكِي اللّه كفْرَ النصارى المثَلِّثِين سَواء منهم من قال: إن الثلاثةَ هي: الأبُ والابنُ والروحُ القُدُس أو الأب والابن والكَلِمَةُ المنْبَثِقَةُ من الأب إلى الابن أو الذين اتخذوا المسيحَ وأُمَّه إِلهَيْنِ من دون اللّه فجعلوا الإلهَ ثلاثةً فكل ذلك كُفْرٌ . ولا إله إلا اللّه الواحد الأحد ولهذا قال تعالى: {وما من إله إلا إله واحد} ليس متعدداً بل هو فردٌ لا شريك له وهو إله جميع الكائنات. |
وقوله تعالى: {وإنْ لَمْ ينتهوا عمَّا يقولونَ لَيَمَسَّنَّ الذين كفروا منهم عذابٌ أليمٌ} أي لَئِنْ لم يَرْجِعـوا عن هذا الافـترَاء والكَذِب لَيَذُوقُنَّ العذابَ الأليمَ في الآخرة. |
قوله تعالى: {أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللّه ويَسْتَغْفِرُونَه واللّه غفورٌ رحيمٌ}. |
وهذا من كَرَمِه تعالى ورَحْمَتِه بعباده يدعوهم إلى التوبة من هذا الإِثْمِ العظيم وهذا الافتراء الكبير فكُلُّ مَنْ تَابَ إِلَيْهِ تَابَ عليه وغَفَرَ له. قوله تعالى: {ما المسيحُ اْبْنُ مريم إِلا رَسُول قَدْ خَلَتْ من قَبْلِه الرُّسُلُ }. |
يُخْبِر اللّه تعالى مُبَيِّنا حقيقةَ عيسى ومُبَرْهِنًا على إِنسانيته فهو رسول مثل الرسل السابقين لا فَرْقَ بينَه وبينهم قد سَبَقَه نوحٌ وإِبراهيمُ ومُوسى وعددٌ كبير من الرسل وليسوا جميعا آلِهَةً بل هم بشر أرسلهم اللّه إلى عباده ليكونوا منهم. |
{ وأمه صِدِّيقَة } أي أمُّه مُؤْمِنَة بِرَبِّها مُصَدِّقَةٌ برسالة عيسى وبما يأتي من عند الله وليست إلهة بل هي بشرٌ أيضاً. |
ثم يأتي سبحانه بالدليل على بَشَرِيَّة عيسى وأمِّه فيقول تعالى: {كانا يأكلان الطَّعامَ}. والذي يأكل الطعام مخلوق وليس إلَها فهو محتاج إلى التَّغْذِيَةِ بالطعام وإخراجه، ثم قال تعالى: {اْنْظُرْ كَيْفَ نُبَيّنُ لهم الآياتِ ثم انظر أَنَّى يؤفكون} أي انظر كيف نُوَضِّح لهم الأَدِلَّةَ والبَرَاهِينَ ومع ذلك هم يَضِلُّون ويَفترُون ويَتَمَسَّكون بالباطل. |
وقـوله تعالى: {قُلْ أَتَعْبُدُون مِنْ دُونِ اللّه ما لا يَمْلِكُ لكم ضَرًّا ولا نَفْعًا واللَّهُ هو السميعُ العليمُ}. |
أي قل يا محمد للذين يعبدون آلِهةً غيرَ اللّه من النَّصَارَى واليهودِ ومُشْرِكِي العَرَب وغيرِهم من عَبَدَةِ الأصنام والأوْثَانِ والنُّجُومِ والكَوَاكِب والأشجار والأَحجار وغير ذلك قل لِكُلِّ هؤلاء: أتعبدون من دون اللّه مَا لا يقدِرُ على دَفْعِ ضَرٍّ. عنكم ولا إِيصالِ نَفْعٍ إليكم، {واللّه هُوَ السميعٌ العليمُ} أي الـذي يسمـع أقـوالَ عِبَادِهِ ويَعْلَمُ كلَّ شيء عنهم فكيف تعدِلون عنه إلى عِبادة غيره مما لا يسمعُ ولا يُبْصِرُ ولا يغني عنكم شيئاً؟. |
ما ترشد إليه الآيات: |
ترشدنا هذه الآيات إلى ما يأتي: |
أ- كُفْر فِرَقِ النَّصَارَى القائلين بأن المسيحَ هو اللّه وكذلك القائلين بالتًّثْلِيث. |
2- إِقامة الدليلِ على بَشَرِيَّة عِيسى وأُمِّه مثل سائر المؤمنين من عباد اللّه فهو رسولٌ مثل الرسل وهي صِدِّيقة. |
3- أن الشرك يُوجِبُ لصاحبه النارَ ويحرِّم عليه الجنةَ. |
4- أن اللّه يغفر الذنوبَ جميعا وَيقْبَلُ توبةَ عِبَادِهِ. |
|
5- أن المشركين لا يفكِّرون تفكيراً جَيِّدا لأنهم يشركون مع بيان أَدِلَّة التوحيد. |
|
|
|
المناقشـة: |
|
1- |
أجب عن الأسئلة الآتية: |
|
أ- لقد بيّن الله كُفْرَ النصارى في هذه الآيات فـما سببُ كُفْرِهم؟ |
|
ب- جاء في الآيات برهانٌ على بَشَرِيَّة عيسى وأمِّه، ما هذا البرهان؟ |
|
جـ- ما جزاء من أشرك باللّه؟ |
2- |
هـات مضارع الأفعال الآتية ومصادرها: |
كَفَرَ – عَبَدَ – أشْرَكَ – تَابَ – اسْتَغْفَرَ - خلاَ. |
|
3- |
ما نوع اللام في (لقد)؟ |
4- |
استخرج من الآيات ما يأتي: |
أ- إنَّ واسْمَها وخَبَرها. | |
|
ب- كان واسْمَها وخبرها. |
|
جـ- اسم فاعل. |
|
د- جَمْعَي تكسير. |
|
هـ- شرطاً وبينَ جوابَ الشرط. |
5- |
اذكر ما يستفاد من الآيات. |
الـدرس العاشر |
علم الغيب لله وحده |
قال اللّه تعالى: |
|
(الآيات من 59 إلى 62 من سورة الأنعام) |
|
معـاني الكلمـات: |
|
الكلمة |
معناها |
مَفَاتح |
جَمْعُ مِفْتَـح وهو المِفْتَاح. وجمـع المفتـاح: مَفَاتِيح وهو آلة الفَتْحَ. |
الغَيْبُ |
كل ما غاب عنك ولم تُشَاهِدْه وجمعه غُيُوبٌ . |
وَرَقَة |
المراد وَرَقَة الشَّجَر. |
ظُلُمَات الأرض |
بَاطِنُها ودَاخِلُها. |
رَطْب |
لَيّنَ غَيْرُ جَافٍّ . |
يَابِسٌ |
اسم فاعل من يَبسَ يَيْبَسُ إذا جَفَّ. |
يَتَوَفَّاكم |
يُمِيتُكم وُينِيمُكم. |
جَرَحْتُم |
كَسَبْتُم وعَمِلْتم. |
أَجَل مُسَمًّى |
وَقْتٌ معلوم. |
القَاهِر |
اسم فاعل من قَهَرَ أي غَلَبَ فهو غالِبٌ . |
حَفَظَة |
جمع حَافِظٍ أي كاتب- يحفظون بَدَنَ الإِنسان ويكتبون عَمَلَه. |
رُسُلنا |
أي الملائكة الموَكَّلون بِقَبْضِ الأرواح. |
يُفَرِّطُون |
أي يُقَصِّرون |
مولاهم |
أي سَيِّدهُم. |
|
الإِعـراب: |
تأمل في الآيـات ما يأتي: |
1- {وعِنْدَهُ مَفَاتح الغيب} عنده خَبَرٌ مقدَّم ومَفَاتح مبتدأ مؤخر. |
2- لا يعلمها إلا هو: استثناء مفرغ والضمير فاعل والجملة مؤكدة لمضمون الجملة الأولى وهي {وعنده مفاتح الغيب}. |
التفسير: |
قـولـه تعـالى: {وعِنْـدَهُ مَفَـاتِـحُ الغَيْب لا يَعْلَمُها إلاَّ هُوَ......}. |
أخرج البخاريّ عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "مفاتح الغيب خمسٌ لا يَعْلَمُهُنَّ إلا اللَّهُ" ثم قرأ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ويُنَزِّلُ ألْغَيْثَ ويَعْلَم ما في الأرْحَام وما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أرْضٍ تَمُوتُ إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير}. الآية 34 من سورة لُقْمَانَ. |
وأخرج البخاريُّ أيضاً وغيرُه عن ابن عمر أن رسول الله قال: "مَفَاتِيحُ الْغَيْب خَمْسٌ لا يعلمها إلا اللّه، لا يعلم ما في غدٍ إلا اللَّهُ، ولا يعلم ما تَغِيضَ الأرحامُ إلا اللّه، ولا يعلم متى يأتي المَطَرُ إلا اللّه، ولا تَدْرِي نفسٌ بأي أرض تموتُ إلا اللَّهُ، ولا يعلم أحدٌ متى الساعةُ إلا اللّه". فمن هذا يُعْلَم أن ما يَشِيع بين الناس اليوم من كُهَّانٍ وسَحَرَةٍ وعَرَّافين أو دَجَّالِينَ ممن يدَّعون الصَّلاحَ وأَنهم يعلمون شيئا من الغيب إنما ذلك كَذِبٌ واْفْترَاء على دِين اللّه تعالى. ويكفي قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في حديث أًبي هريرة وغيره: " من أَتَى كاهنا أَوْ عرّافا فَصَدَّقه بما يقول فقد كفر بما أنْزِلَ على محمد صلى الله عليه وسلم ". رواه الأربعة والحاكـم وقال صحيح على شرط الشيخين. |
قوله تعالى { ويَعْلَمُ ما في البَرِّ والبَحْر وما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلا يَعْلَمُها ولا حَبَّةٍ في ظُلُماتِ الأرْضِ ولا رَطْبِ ولا يَابسٍ إلا في كتابٍ مُبِينِ } يُخْبِر سبحـانه وتعالى عن إِحاطة عِلْمِهِ بِجًمِيع الَموجودات بَرِّيِّها وبَحْرَيِّها فهو خالقهـا ولا يخفَى عليه منها شيء ولا مِثقال ذَرَّةٍ لا في الأرض ولا في السـماء. قال ابن عباس في قولـه تعالى: { وما تسقط من ورقة إلا يعلمها } ما من شجرة في بر ولا بحر إلا ومَلَكٌ مُوَكَّل بها يكتب ما يسقط منها(1). قوله تعالى: { ولا حبةٍ في ظلمتِ الأرْض } أي الحَبَّة المستورة في باطن الأرض سواء وضعها الإنسان أم لم يَضَعْها فإن اللّه يعلم شأنَها تَنْبُتُ أم لا تَنْبُتُ، بخـير أم بشر، بنافع أم بضارٍّ . كذلك كل رَطْب ويابس عنده علمه في اللَّوْح المحفوظ. |
قوله تعالى: { وهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّكُمْ بِاللَّيْلِ ويَعْلَمُ ما جَرَحْتُم بِاْلنَّهَار }. |
يقول تعالى: إنـه يَتَوَفَّى عبادَه في مَنَامِهم بالليل، وهذا التَّوَفِّي الأصغرُ الذي بعده استِيقَاظٌ من النوم {ويعلم ما جَرَحْتُم بالنهار} أي ويعلم ما كسبتم من الأعمال بالنهار. وهذه جملة معترضة دلّت على إِحاطة عِلْمِه تعالى بخَلْقِه في ليلهم ونهارهم في حال سكونهم وحال حركتهم. |
قوله تعالى: { ثُمَّ يَبْعَثُكم فيه } أي يُحْييكم من المَوْتَةِ الصُّغْرَى في النهار أي أنَّ من نام تُرَدُّ إليه رُوحُه في النهار بإذن اللّه تعالى. |
قوله تعالى:{لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى} أي لِيُسْتَكْمِلَ الأجَلُ الذي قدّره اللّه عز وجل. |
قوله تعالى: {ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكم ثم يُنَبِئُكُمْ بما كنتم تَعْمَلون}. |
أي ثم تُرْجَعُون إلى اللّه عزّ وجلّ في يوم الحساب فيُخْبِركم بأعمالكم وُيطْلِعُكم عليها ثم يُجَازِيكم بها إنْ خَيْرًا فخَير وإِنْ شرًّا فَشَرّ. |
قوله تعالىِ: {وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}. أي هو الذي قَهَرَ كلَّ شيء فَخَضعَ لجلاله وعَظَمَتِه وكِبْرِيَائِهِ كلّ شيء. |
قوله تعالى: {ويُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً}. أي من الملائكة يحفَظون بَدَنَ الإِنسـان، وحَفَـظَةً يحفظون عَمَلَه ويُحْصُونَه عليه بالليل والنهار. |
قوله تعالى: {حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُم الموتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وهم لا يُفَرِّطُونَ}. |
أي حتى إذا احْتُضِرَ أَحَـدُكم وحـان أَجَلُه تَوَفَّتْـه الملائكةُ المـوِكَّـلُون بقَبْض الأرواح وهمِ أعـوانُ مَلَكِ المـوتِ. وهم لا يُفرِّطُون أَي يَحْفَظون الروح وُينزِّلُونَها حيث شاء عز وجل إِن كان من الأبرار ففي عِلِّيِّين وإن كان من الفُجَّار ففي سِجِّين، نعوذ باللّه من الفُجُور وعاقِبَتِه. |
قوله تعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللّه مَوْلَهُم الحَقِّ}. |
أي ثم يُرَدُّ جميعُ الخلق إلى اللّه عز وجل فهو الحق الذي يعرفون أنه الحق عند البعث وُيشَاهِدُون ما أنكروا في الدنيا من أنه الإِله الحق الذي كان ينبغي لهم ألا يعبدوا غيره. |
قوله تعالى: {ألاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الحَاسِبينَ} أي له الحُكْم وَحْدَه يومئذ فلا رادَّ لحكمه ولا مُعَقِّبَ، وهو يُحًاسِب جميعَ الخلائق في ذلك اليوم. وهو أسرع الحاسبين سبحانه فلا يَشْغَلُه حِسابُ أَحَدٍ عَنْ أحَدٍ . |
ما ترشد إليه الآيات: |
1- أن اللّه تعالى اسْتَأْثَرَ بعلم الغيب، فلم يُعْطِهِ أَحداً من خَلْقِه، لا نبيًّا مرسلاً ولا ملكاً مقرباً. |
2- أن عِلْمَ اللّه تعالى شامِلٌ مُحِيط بِكُلِّ شَيْءٍ في السموات والأرض في البحر والبر والرَّطْب واليابس. |
|
3- أن اللّه عز وجـل قدَّر آجالَ الناس وأعمارَهم، وهو يَتَوَفَّاهم الوفاةَ الصُّغْرَى وهي النوم بالليل ويَبْعَثُهم بالنهار حتى تَنْقَضي آجالُهم ويحين وَقْتُ مَوْتِهم. |
|
4- أن اللّه عز وجل فوق عباده ظاهِرٌ وقاهِرٌ، وأنه كلّف الملائكة بِحِفْظِهم حتى تحين آجالهم. |
|
5- أن اللّه يبعث الناسَ لِيَحْكُمَ بينهم ويُجَازِيَهم على أعمالهم وهو أسرع الحاسبين. |
|
|
|
المناقشـة: |
|
1- |
اشرح الكلمات الآتية: |
|
مفاتح - ظلمات الأرض – يابس – يتوفاكم - يُفَرِّطون. |
2- |
بين معنى: |
|
قوله تعالى: {وما تسقط من ورقة إلا يعلمها}. |
|
وقوله تعالى: {وهو الذي يتوفـاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار}. |
|
وقوله تعالى: {ثم ردوا إلى اللّه مولـهم الحق}. |
3- |
بين ما ترشد إليه الآيات. |
(تَـمّ بعون اللّه تعالى) |
(1) رواه ابن أبي حاتم في " تفسيره ", كما في " تفسير ابن كثير " (2/137). |