الـدرس العاشر

 
 

علم الغيب لله وحده

 
 قال اللّه تعالى:

 

 

 

(الآيات من 59 إلى 62 من سورة الأنعام)

 

معـاني الكلمـات:

الكلمة

معناها

مَفَاتح

جَمْعُ مِفْتَـح وهو المِفْتَاح. وجمـع المفتـاح: مَفَاتِيح وهو آلة الفَتْحَ.

الغَيْبُ

كل ما غاب عنك ولم تُشَاهِدْه وجمعه غُيُوبٌ .

وَرَقَة

المراد وَرَقَة الشَّجَر.

ظُلُمَات الأرض

بَاطِنُها ودَاخِلُها.

رَطْب

لَيّنَ غَيْرُ جَافٍّ .

يَابِسٌ

اسم فاعل من يَبسَ يَيْبَسُ إذا جَفَّ.

يَتَوَفَّاكم

يُمِيتُكم وُينِيمُكم.

جَرَحْتُم

كَسَبْتُم وعَمِلْتم.

أَجَل مُسَمًّى

وَقْتٌ معلوم.

القَاهِر

اسم فاعل من قَهَرَ أي غَلَبَ فهو غالِبٌ .

حَفَظَة

جمع حَافِظٍ أي كاتب- يحفظون بَدَنَ الإِنسان ويكتبون عَمَلَه.

رُسُلنا

أي الملائكة الموَكَّلون بِقَبْضِ الأرواح.

يُفَرِّطُون

أي يُقَصِّرون

مولاهم

أي سَيِّدهُم.

 

الإِعـراب:

   تأمل في الآيـات ما يأتي:

   1- {وعِنْدَهُ مَفَاتح الغيب} عنده خَبَرٌ مقدَّم ومَفَاتح مبتدأ مؤخر.

   2- لا يعلمها إلا هو: استثناء مفرغ والضمير فاعل والجملة مؤكدة لمضمون الجملة الأولى وهي {وعنده مفاتح الغيب}.

التفسير:

   قـولـه تعـالى: {وعِنْـدَهُ مَفَـاتِـحُ الغَيْب لا يَعْلَمُها إلاَّ هُوَ......}.

   أخرج البخاريّ عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "مفاتح الغيب خمسٌ لا يَعْلَمُهُنَّ إلا اللَّهُ" ثم قرأ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ويُنَزِّلُ ألْغَيْثَ ويَعْلَم ما في الأرْحَام وما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أرْضٍ تَمُوتُ إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير}. الآية 34 من سورة لُقْمَانَ.

   وأخرج البخاريُّ أيضاً وغيرُه عن ابن عمر أن رسول الله قال: "مَفَاتِيحُ الْغَيْب خَمْسٌ لا يعلمها إلا اللّه، لا يعلم ما في غدٍ إلا اللَّهُ، ولا يعلم ما تَغِيضَ الأرحامُ إلا اللّه، ولا يعلم متى يأتي المَطَرُ إلا اللّه، ولا تَدْرِي نفسٌ بأي أرض تموتُ إلا اللَّهُ، ولا يعلم أحدٌ متى الساعةُ إلا اللّه". فمن هذا يُعْلَم أن ما يَشِيع بين الناس اليوم من كُهَّانٍ وسَحَرَةٍ وعَرَّافين أو دَجَّالِينَ ممن يدَّعون الصَّلاحَ وأَنهم يعلمون شيئا من الغيب إنما ذلك كَذِبٌ واْفْترَاء على دِين اللّه تعالى. ويكفي قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم  في حديث أًبي هريرة وغيره: " من أَتَى كاهنا أَوْ عرّافا فَصَدَّقه بما يقول فقد كفر بما أنْزِلَ على محمد صلى الله عليه وسلم  ". رواه الأربعة والحاكـم وقال صحيح على شرط الشيخين.

   قوله تعالى { ويَعْلَمُ ما في البَرِّ والبَحْر وما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلا يَعْلَمُها ولا حَبَّةٍ في ظُلُماتِ الأرْضِ ولا رَطْبِ ولا يَابسٍ إلا في كتابٍ مُبِينِ } يُخْبِر سبحـانه وتعالى عن إِحاطة عِلْمِهِ بِجًمِيع الَموجودات بَرِّيِّها وبَحْرَيِّها فهو خالقهـا ولا يخفَى عليه منها شيء ولا مِثقال ذَرَّةٍ لا في الأرض ولا في السـماء. قال ابن عباس في قولـه تعالى: { وما تسقط من ورقة إلا يعلمها } ما من شجرة في بر ولا بحر إلا ومَلَكٌ مُوَكَّل بها يكتب ما يسقط منها(1). قوله تعالى: { ولا حبةٍ في ظلمتِ الأرْض } أي الحَبَّة المستورة في باطن الأرض سواء وضعها الإنسان أم لم يَضَعْها فإن اللّه يعلم شأنَها تَنْبُتُ أم لا تَنْبُتُ، بخـير أم بشر، بنافع أم بضارٍّ . كذلك كل رَطْب ويابس عنده علمه في اللَّوْح المحفوظ.

   قوله تعالى: { وهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّكُمْ بِاللَّيْلِ ويَعْلَمُ ما جَرَحْتُم بِاْلنَّهَار }.

   يقول تعالى: إنـه يَتَوَفَّى عبادَه في مَنَامِهم بالليل، وهذا التَّوَفِّي الأصغرُ الذي بعده استِيقَاظٌ من النوم {ويعلم ما جَرَحْتُم بالنهار} أي ويعلم ما كسبتم من الأعمال بالنهار. وهذه جملة معترضة دلّت على إِحاطة عِلْمِه تعالى بخَلْقِه في ليلهم ونهارهم في حال سكونهم وحال حركتهم.

   قوله تعالى: { ثُمَّ يَبْعَثُكم فيه } أي يُحْييكم من المَوْتَةِ الصُّغْرَى في النهار أي أنَّ من نام تُرَدُّ إليه رُوحُه في النهار بإذن اللّه تعالى.

   قوله تعالى:{لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى} أي لِيُسْتَكْمِلَ الأجَلُ الذي قدّره اللّه عز وجل.

   قوله تعالى: {ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكم ثم يُنَبِئُكُمْ بما كنتم تَعْمَلون}.

   أي ثم تُرْجَعُون إلى اللّه عزّ وجلّ في يوم الحساب فيُخْبِركم بأعمالكم وُيطْلِعُكم عليها ثم يُجَازِيكم بها إنْ خَيْرًا فخَير وإِنْ شرًّا فَشَرّ.

   قوله تعالىِ: {وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}. أي هو الذي قَهَرَ كلَّ شيء فَخَضعَ لجلاله وعَظَمَتِه وكِبْرِيَائِهِ كلّ شيء.

   قوله تعالى: {ويُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً}. أي من الملائكة يحفَظون بَدَنَ الإِنسـان، وحَفَـظَةً يحفظون عَمَلَه ويُحْصُونَه عليه بالليل والنهار.

   قوله تعالى: {حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُم الموتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وهم لا يُفَرِّطُونَ}.

   أي حتى إذا احْتُضِرَ أَحَـدُكم وحـان أَجَلُه تَوَفَّتْـه الملائكةُ المـوِكَّـلُون بقَبْض الأرواح وهمِ أعـوانُ مَلَكِ المـوتِ. وهم لا يُفرِّطُون أَي يَحْفَظون الروح وُينزِّلُونَها حيث شاء عز وجل إِن كان من الأبرار ففي عِلِّيِّين وإن كان من الفُجَّار ففي سِجِّين، نعوذ باللّه من الفُجُور وعاقِبَتِه.

   قوله تعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللّه مَوْلَهُم الحَقِّ}.

   أي ثم يُرَدُّ جميعُ الخلق إلى اللّه عز وجل فهو الحق الذي يعرفون أنه الحق عند البعث وُيشَاهِدُون ما أنكروا في الدنيا من أنه الإِله الحق الذي كان ينبغي لهم ألا يعبدوا غيره.

   قوله تعالى: {ألاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الحَاسِبينَ} أي له الحُكْم وَحْدَه يومئذ فلا رادَّ لحكمه ولا مُعَقِّبَ، وهو يُحًاسِب جميعَ الخلائق في ذلك اليوم. وهو أسرع الحاسبين سبحانه فلا يَشْغَلُه حِسابُ أَحَدٍ عَنْ أحَدٍ .

ما ترشد إليه الآيات:

1- أن اللّه تعالى اسْتَأْثَرَ بعلم الغيب، فلم يُعْطِهِ أَحداً من خَلْقِه، لا نبيًّا مرسلاً ولا ملكاً مقرباً.

2- أن عِلْمَ اللّه تعالى شامِلٌ مُحِيط بِكُلِّ شَيْءٍ في السموات والأرض في البحر والبر والرَّطْب واليابس.

3- أن اللّه عز وجـل قدَّر آجالَ الناس وأعمارَهم، وهو يَتَوَفَّاهم الوفاةَ الصُّغْرَى وهي النوم بالليل ويَبْعَثُهم بالنهار حتى تَنْقَضي آجالُهم ويحين وَقْتُ مَوْتِهم.

4- أن اللّه عز وجل فوق عباده ظاهِرٌ وقاهِرٌ، وأنه كلّف الملائكة بِحِفْظِهم حتى تحين آجالهم.

5- أن اللّه يبعث الناسَ لِيَحْكُمَ بينهم ويُجَازِيَهم على أعمالهم وهو أسرع الحاسبين.

 

المناقشـة:

 
 

1-

اشرح الكلمات الآتية:

 

مفاتح - ظلمات الأرض – يابس – يتوفاكم - يُفَرِّطون.

2-

بين معنى:

 

قوله تعالى: {وما تسقط من ورقة إلا يعلمها}.

 

وقوله تعالى: {وهو الذي يتوفـاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار}.

 

وقوله تعالى: {ثم ردوا إلى اللّه مولـهم الحق}.

3-

بين ما ترشد إليه الآيات.
 

(تَـمّ بعون اللّه تعالى)

 

 

       

 


 (1) رواه ابن أبي حاتم في " تفسيره ", كما  في " تفسير ابن كثير "  (2/137).