الـدرس السـادس

 
 

فريضـة الصـيام

 

 قال اللّه تعالى:

 

 

(الآيات من 183 إلى 185 من سورة البقرة)

 

معـاني الكلمـات:

الكلمة

معناها

كُتِبَ عَلَيْكُم

:   فُرِضَ عليكم: أوْجَبَهُ اللَّهُ تعالى.

الصِّيامُ

:   مَصْـدَرُ: صَام يَصُومُ. وهو لغةً: الإِمْسَـاكُ وشَرْعًا: الإِمـساك عن المـفْطِرَاتِ من طُلُوعِ الـفـجر إلى غُرُوب الشَّمْسِ مع النِّيَّةِ.

الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكم

:   الأمَمُ السابقةُ.

مَعْدُودات

:   لهن عَدَدٌ مَعْلُومٌ .

فَعِدَّةٌ

:   العِدَّةُ: المعدودُ، والمراد: عَدَدُ الأيام الَّتي أَفْطَرَهَا.

أخَر

:   جمع مفرده (أخْرَى) وهو ممنوع من الصَرف.

يُطِيقُونَهُ

:   يَقْدِرُون عليه بمَشَقَّةٍ.

فِدْيَةٌ

:   ما يُفْتَدَى به منَ المال وغيرِه وهي كالتَّعْويض بِسَبَبِ التَّقْصير في ا لعبادة.

هُدًى

:   هَادِيًا إلى الخير والاسْتِقَامَةِ.

الفُرْقَان

:   الذي يفرُق بين الحَقِّ والباطل.

شهِدَ

:   أي حَضَرَ وكان مُقِيماً غيرَ مسافرٍ.

اليُسْرُ

:   السُّهُولَةُ والتَّخْفِيف.

العُسْر

:   المشَقَّةُ والعَنَتُ والصُّعُوبة.

وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ

:   أي لِتُتِمُّوا أيامَ الشَّهْرِ المفروض عليكم صيامه.

 

الإعـراب:

   لاحظ في الآيات ما يأتي:

   1- في قوله تعالى: {ولَعَلَّكم تَتَّقُونَ، ولعلهم يرشدون}.

   لَعَلًّ: حَرف ترَجٍّ وهو طَلَبًّ الأمرِ المحبوب، تكون للإشفَاق في المحذورِ. وهي حرف مشَبَّهٌ بالفعل يَنْصِب المبتدأ وَيرفَع الخَبَرَ.

   واسمُها هنا الضمير المتصل (كم) وخبرُها جملة الفعل والفاعل في (تتقون).

   وتـأتي بمعنى الإشفاقِ ومن شواهِدِها قولُه تعالى: {لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفسَك ألا يكونوا مؤمنين}.

   كـما تأتي بمعنى (كَيْ) للتعليل ومن شواهـدهـا {لَعَـلِّى أبْلُغُ الأسْبَابَ} {لَعَلَّنَا نَتَّبعُ السَّحَرَةَ إن كانوا هم الغالبين}.

   2- في قوله تعالى: {فعِدَّةٌ من أيام أُخَرَ}.

   عدة: مبتدأ خبره محذوف والتقدير (فَعَلَيهِ عِدَّةٌ).

   3- في قوله تعالى: {فدية طعام مسكين}.

   طعام بَدَلٌ من فِدْيَةٍ.

   4- في قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ منكم الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}.

   فَلْيَصُمْه: اللام للأمر. ولام الأمر حرف جزم طلبي يجزم المضارع وهو مبني على الكسر وُيسَكَّنُ بعد الواو والفاء وثم.

التفسـير:

   قوله تعالى: {أيها الَّذِين آمَنوا كتِبَ عَلَيْكمُ الصِّيَامُ}.

   خطابٌ من الله تعالى لعبادِهِ المؤمنين بِأَنَ الصَّوْمَ فريضة عليهم. {كَمًا كُتبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكًمْ} وهم أهل المللِ السابقةِ. { لَعَلّكُمْ تًتَّقُونَ} بيان لعلة فَرْضِ الصوم والحِكْمةٍ منه وهو أنه السبيل إلى تَقْوى اللّه عزّ وجـلّ بِترْكِ الشًّهَوَات المباحَةِ امْتِثالاً لأَمْره، وتَرْوِيضًا للنفوس وتعويدها كَسْرَ الشهوات والصبرَ على الطاعات واجتنابَ المعاصي. وقد كان فرضُ الصوم في السنة الثانية للهجرة.

   قوله تعالى: {أياماً مَعْدُودَاتٍ} أياما معينة بِعَدَدٍ معلومٍ وهي أيامُ شهرِ رَمَضَانَ، تخفيفا ورحمة- لهذه الأمة.

   قوله تعالى: {فَمَنْ كان مِنْكُم مَرِيضاً أو عَلَى سَفَرٍ} من كان مريضاً أو مسافراً سَفَرَ إباحةٍ فأَفْطَرَ {فعدةٌ من أيام أخر} شَرَعَ سبحانه لهما أن يُفْطِرَا ويَقْضِيَا أياماً بعدد التي أفطرها تَيْسِيراً منه تعالى ورحمة بعباده المؤمنين.

   قوله تعالى: {وعلى الذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طعامُ مسكينٍ}.

   أخرج البخاري ومسلم من حديث سلمة بن الأكوع قال: لما نزلت هذه الآية {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} كان من شاء صام ومن شاء أفطر ويَفْتَدِي، حتى نزلت هذه الآية بعدها فنسختها {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُم الشَّهرَ فَلْيَصُمْه}. فهذه الآية كانت رُخْصَهًّ عند ابتداء فَرْضِ الصـوم لأنه شقّ عليهم، فكان من أطعم كل يوم مسكيناً ترك الصوم وهو يُطِيقُه ثم نُسِخَ ذلك.

   قوله تعالى: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فهو خَيْرٌ لَهُ}. من زاد في الإِطعام وأطعم أكثر من مسكين فهو خير له ثم بين سبحانه أن الصيام خير من هذا كله {وأنْ تَصُومُوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون}. أي أن الصيام خير لكم وأفضل من الإِفطار مع الفِدْيَة.

   قوله تعالى: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أنِزْلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هَدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنات مِنَ الْهُدَى والفُرْقانِ} بَيانٌ لفضلِ شهرِ رمضانَ الذي بدأ فيه نزولُ القرآنٍ العظيمِ الذي أكرم اللّه به هذه الأمةَ وجعله هدايةً ونوراً وفرقاناً بين الحق والباطلِ وسبيلاً إلى السعادة في الدنيا والآخرة.

   {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} من حضر هذا الشهر وكان مقيماً غيرَ مسافرٍ مكلَّفاً قادراً فقد وجب عليه الصومُ.

   {ومَنْ كَانَ مَرِيضاً أو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَةٌ من أيامِ أُخَرَ} تخفيفاً منه تعالى عن المريض والمسافر سَفَرَ إباحةٍ أن يُفْطِرَا على أن يَقضِيا أياما أخرى مكانَ الأيام التي أفطرها بعددها.

   قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}. أي فيما فرض عليكم من صيام الأيام المعـدودات، والتخفيفِ عن المـريض والمسافر يريد بكم في هذا التخفيف والرحمةَ والسهولةَ واليسَر، ولا يريد بكـم المشقَّةَ والعَنَتَ.

   قولـه تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ} وعدد أيام الشهر كما ورد في الحديث الصحيح: " صوموا لرؤيته وأَفْطِروا لرؤْيته فإن غم عليكم فاقدروا له ".

   {ولتُكَّبروا اللهَ على ما هداكم}. وهذا التكبير ليلةَ العيدِ إلى أن يصلي الإِمام صلاةَ العيدِ. {ولَعَلَّكُم تَشْكُرُونَ} هذه النعمةَ والتيسيرَ.

ما ترشد إليه الآَيات:

   ترشدنا هذه الآيات إلى ما يأتي :

1- أن الصيام فُرضَ وسيلةً إلى تَقْوى اللّه تعالى وتربيةً للنفس على الطاعة.

2- أن الصوم فُرِضَ على هذه الأمة، كـما أنه كان مفروضاً على الأمم السابقة.

3- في الآيات دليل على إبـاحـة الفطر للمريض والمسافر سفرَ طاعةٍ و إِباحة وعليهما قضاءُ الأيام التي أفطراها.

4- في قولـه تعالى: {فَمًنْ شَهِد منكم الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه} دليل على وجوب صوم رمضان على كل مسلم مكلَّف قادر مقيم.

5- سماحـةُ التشريعِ ويسره لهذه الأمة عن الأمم السابقة كـما جاء في الحـديث عنه صلى الله عليه و سلم " إن هذا الدين يُسْرٌ ولن يشاد الدين أحدٌ إلاّ غلبه ". رواه البخاري.

6- اِسْتِحْبَابُ التكبير ليلةَ عيدِ الفطر إلى أن يصلِّيَ الإِمامُ صلاةَ العيدِ روي ذلك عن عبد اللّه بن عباس وابن مسعود رضي اللّه عنهم أنهما كانا يفعلان ذلك.

 

المناقشـة:

 
 

 

أجـب عـن الآتي:

1-

ما الصوم لغةً وشرعاً؟ وما حكمه؟ ومتى فرض؟

2-

ما حكم الفطر للمريض والمسافر؟ وما الذي يلزَمُهما؟ اذكر الدليل من الآيات.

3-

في الآيات بيان أن اللّه تعالى اخْتَصَّ شهرَ رمضانَ بأفضلية. ما هي؟

4-

بين معنى قولـه تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}. وما الحكم الذي يؤخذ من الآية؟

5-

في الآيات دليل على يسرِ التشريعِ الإسلاميِّ وسَمَاحَتِه بين ذلك.

6-

اذكر معنى الآتي:

 

كُتِبَ - الذين من قبلكم - معدودات - عِدَّة - اليُسْر - العُسْر - هُدًى - الفرقان- شَهِدَ- لِتُكْمِلوا العِدَّة.

7-

في الآيات دليل مشروعية التكبير ليلة العيد. بين ذلك.