الـدرس الخامس

 
 

في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ

 
 

   عن أبي ذر رضي اللّه عنه أن رسول اللّه   قال:

   بينما رجلٌ يمشي بطريق اشتدَّ عليه العطشُ. فوجد بئرا فنزل فيها، فشرب، ثم خرج، فإِذا كلبٌ يلهَثُ، يأكل الثَّرَى من العطش. فقال الرجل: "لقد بَلَغَ هذا الكلبَ من العطش مثلُ الذي كان قد بلغ مني ".

   فنزل البئرَ، فملأ خفَّه ماءً، ثم أمسكه بفيه حتى رقِي فسقى الكلب. فشكر الله له، فغفر له.

   قالوا: "يا رسول اللّه، وإن لنا في البهائم أجرا؟ ". فقال: " في كل كبِد رطبة أجرٌ".

(متفق عليه) (*)

 

أ ـ شرح المفردات

الكلمة معناها

عَطِشَ (-)

:   أَحَسَّ الحاجة إلى شُرْب المـاء. المصدر: عَطَشٌ .

اِشـتَـدَّ

:   زاد. تقول: اشتدّ البردُ اليومَ. اشتدّ الصُّدَاع.

البِـئْر

:   حُفْرَةٌ عميقة يُسْتَخْرَجُ منها الماءُ. ج آبارٌ . (مؤنثة).

لَهَثَ الكلبُ (-َ)

:   أَخْرَجَ لسانَه من حَرٍّ أو عَطَشٍ.

الـثَّـرَى

:   الُترَاب النَّدِىّ.

بَلَغَ الشيء (-ُ)

:   وصل إليه.

الخُـفّ

:   ما يُلْبَسُ في الرِّجل من جِلْدٍ رَقِيق. ج خِفَافٌ .

أَمْسَكَ الشيء بيده

:   قَبَضَ عليه بها.

رَقِـيَ (-َ)

:   صَعِدَ. والمصدر: رُقِيٌّ .

شكر اللّه له

:   أي قَبِلَ عمله.

البَهِيمَـة

:   كل ذاتِ أَرْبِع قوائمَ من دَوابِّ البرِّ والبحرِ. ج بَهائِمُ.

الأجْـر

:   عِوَضُ العمل والانْتِفَاعِ. ج أُجُور.

الـكَـبِدُ

:   عُضْـو من أعضـاء الجسم، وهي في البَـطْن. ج أَكْبَاد. (مؤنثة).

الرَّطْـب

:   ضد اليابس. كل كَبِـدٍ رطبـةٍ : المراد بها: كلُّ حَيَوان حَيٍّ .

غفر اللّه له ذنبه (-ِ)

:   سًترَه وعَفَا عنه. والمصدر: غُفْران ومَغْفِرَةٌ . واللّه غافِر، وغَفُور وغَفّار.

 

ب- إيضاحات نحوية

1-

بَيْنَـمَا، وبَيْنَا ظرفان للزمان الماضي، وهما يلزمان الجملة الاسمية كثيرا، والجملة الفعلية قليلا. تقول: بينما المدرسُ يشرح الدرس دخل علينا الـمُوَجِّهُ. أو: بينا يشرح المدرس الدرس دخل علينا الموجّه.

 

وقد تدخل "إِذْ" على الجملة الثانية، نحو: بينما المدرس يشرح الدرس إذْ دخل علينا الموجِّه.

  دونك أمثلةً أخرى:
  (1) بينـما أنا جالس في غرفتي أكتب رسالة إلى أبي دخل عليَّ صديقي حامد.
 

(2) في الحـديث: بينـا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُب جاء الحَسَنُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "اِبْنِي هذا سَيِّدٌ".

 

(3) قال النبي صلى الله عليه وسلم : "بينا أنا أمشي إِذْ سمعت صوتا من السماءِ، فرفدت بَصَرِي فإِذا المَلَك الذي جاءني بِحِراءَ".

2-

(ثم خرج فإِذا كلبٌ يَلْهَث): هذه "إِذا الفجائية"، وتفيد وقوع شيء غير متوقع.
 

إليك أمثلة أخرى:

 

(1) دخلت الفصل فإِذا المدير جالس.

 

(2) في الحديث: فرفعت بَصَرِي فإِذا المَلَكُ الذي جاءني بِحِراءَ.

 

(3) وفي القرآن الكريم: {فَأَلْقَى عَصَاهُ فإِذا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ . ونَزَعَ يَدَهُ فإذا هِيَ بَيْضَاءُ للناظرين}.

  يجوز الابتداء بالنكرة بعد إِذا الفجائية كـما في الحديث (فإذا كلبٌ يَلْهَثُ).
 

وإِليك مثالا آخر: دخلت الغرفة فإِذا حَيَّةٌ على السرير.

  لا تجيءُ "إذا الفجـائية" في أول الكـلام، ولا تدخـل على الجملة الفعلية.

3-

(فَمَللأ خُفَّه ماءً). هنا (ماءً) تمييز. دونك أمثلة أخرى.
 

(1) ملأتُ القلمَ حِبْرا.

 

(2) اِمْلأ هذا الطَّبَق أُرُزًّا.

4-

(ثم امسكه بِفِيه). الفَمُ يجوز حذفُ مِيمِه عند الإِضافة، وُيعْرَبُ حينئذ إِعرابَ الأسماءِ الخمسة، نحو: فُوه صغيرٌ . اِفْتَحْ فاكَ. ماذا في فِيكَ؟

 

وفي حالة بقاء ميمه يُعْرَبُ بعلامات الإِعراب الأصلية، نحو: فَمُه مفتوح. فَتَحَ المريضُ فَمَه. ماذا في فَمِك؟

5-

(وإِنَّ لنا في البهائم أَجْراً). حُذفت من هذه الجملة همزةُ الاستفهام جَوازا إذْ أصلها: "أوَ إِن لنا؟ " وحرف الجر "في" يفيد هنا السَبَبِيَّة.

جـ- من الجوانب البلاغية

1-

في قوله عليه الصلاة والسلام "كَبِد رطبة... " كِنايةٌ عن الحياة.

 

والكِناية أن تُطْلِقَ اللفظَ وتريد لازمَه. ومثال ذلك قولهم "فلان كثيرُ الرَّمادِ"، أي هو كريم. فلازم هذا المعنى، هو كثرةُ إِيقاد النار لكَثْرَة ما يُطْبَخُ عليها لكثرة الآكلين، وذلك دليلُ الجُودِ والكَرَم، فيكون الموصوف بالكرم رمادهُ كثيراً.

 

وكذلك المقصود بالرُّطُوبة هنا. لازمُ الرُّطوبةِ وهو الحياة. إِذْ كَبِدُ الحَيَوانِ الحَيِّ رَطْبَةٌ . وإِذا مات الحيوان جَفَّ جِسْمُه وجَفَّتْ معه كَبِدُه.

2-

وفي قوله صلى الله عليه وسلم : "في كل كبد رطبة أجر" مجاز مرسل، علاقته: الجزئية.

 

ذلك أنه أطلق الكَبِدَ الرَّطْبَة، وأراد بها الحَيَوانَ الحَيَّ، فأطلق الجُزْءَ وأراد الكـلَّ. والمَجَازُ الْـمُرْسَلُ هو استعمالُ اللفظِ في غيرِ ما وُضِعَ له لِغَيْرِ علاقةِ المُشَابَهَةِ مع قرينةٍ مانعةٍ من إِرادة المعنَى الحقيقيِّ .

د- ما يستفاد من النص

أ-

الرَّحْمة من صِفات المجتمع الإِسلامي.

2-

يجب على المسلمين أن تَشْمَلَ رحمَتهم الحَيَواناتِ.

3-

يُجازي اللّه كلَّ إِنسان على رحمته بغيره ولو كان حَيَواناً.

 

 أسـئلة وتمـارين

 
 

ا-

أجب عن الأسئلة الآتية:
 

(1) ماذا فعل الرجل عندما اشتدّ عليه العَطَش؟

 

(2) ماذا رأى عندما خرج من البئر؟

 

(3) لماذا كان الكلب يأكل الثرى؟

 

(4) كيف أحضر الرجل الماءَ للكلب؟

 

(5) كيف جازاه اللّه بفعله؟

 

(6) ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم : "في كل كبد رطبة أجر"؟

 

(7) ماذا يستفاد من هذا النص؟

2-

من قـال هذا؟ ولمن؟
 

(1) لقد بلغ هذا الكلبَ من العطش مثلُ الذي كان قد بلغ مني.

 

(2) وإِنَّ لنا في البهائم أجرا؟

 

(3) في كل كبد رطبة أجر.

3-

اذكر الناحيتين البلاغيتين في الآتي:
 

" في كل كبد رطبة أجر".

4-

استخرج من النص ما يلي:
 

(1) فعلا ثلاثيا مزيدا من باب "افْتَعَلَ ".

 

(2) اسما مقصورا.

 

(3) اسما من الأسماء الخمسة.

 

(4) اسما لإنَّ.

 

(5) تمـييزا.

5-

البئر والكبد أمذكران هما أم مؤنثان؟ اذكر دليلا من النص على ما تقول.

6-

هـات معاني الكلمات الآتية:
 

اشتدّ- لَهَثَ- الثرى- الخُفُّ- رَطْب.

7-

هات جمع الأسماء الآتية:
 

بِئر- كلب- خُفّ- فَم- كَبِد- أَجْر.

8-

هات مفرد " البهائم ".

9-

هات المضارعِ والأمر من الأفعال الآتية:
 

مَشَى- نزَلَ- مَلأ- امْسَكَ- رَقِيَ- سقَى- شكر- غفر.

10-

هات ثلاثة أمثلة توضـح إِعراب "فَم " بعد حذف ميمه وهو مُضاف إِلى غير ياء المتكلم.

11-

أدخل كل كلمة مما يأتي في جملة مفيدة:
 

بَيْنَمَا- إِذا الفجائية- ملأ- سقى.

12-

ماذا تفيد "في" في قول الصحابة "وإِن لنا في البهائم أجرا؟ "؟

 

 

 

 


(*) أخرجه البخاري في (المساقاة والمظالم والأدب)، ومسلم في (السلام).