الـدرس السابع

 
 

أتَشْفَعُ في حَدٍّ من حدود اللّه؟

 

   عن عائشةَ رضي اللّه عنها أنّ قُرَيْشاً أَهَمِّهم شأنُ المرأةِ المَخْزُوميّةِ التي سَرَقَتْ، فقالوا: "مَن يُكَلِّم فيها رسولَ اللّه صلى الله عليه وسلم ؟". فقالوا: "مَن يَجْتَرِئُ عليه إلا أُسامةُ ابْنُ زَيْدٍ حِبُّ رسولِ اللّه صلى الله عليه وسلم ؟.

   فَكلَّمَه أسامةُ، فقال رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم : "أتَشْفَعُ في حَدٍّ من حُدُود اللّه تعالى؟ ".

   ثم قام، فاخْتَطَبَ، ثم قال : "إِنَّما أَهْلَكَ الذين مِنْ قَبْلِكم أَنَّهم كانوا إِذا سَرَقَ فيهم الشَّرِيفُ تَرَكُوه، وإِذا سَرَقَ فيهم الضَّعِيفُ أقاموا عليه الحَدَّ، وايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فاطمةَ بِنْتَ محمدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَها". (متفق عليه) (*)

أ ـ شرح المفردات

الكلمة معناها

أهَمَّ الأمُرُ فلانـاً

:    أَقْلَقَه وأَحْزَنَهُ.

المَخْـزوميّـة

:    نِسْبَة إلى بَنِي مَخْزُوم. واسم هذه المرأةِ فاطمةُ بِنْتُ الأسْوَدِ بْنِ عَبْدِ الأَسَدِ.

جَرُؤَ على الشيءِ (-ُ)

:    أَقْـدَمَ عليه من غْيرِ تَوَقُّـفٍ ، فهـو جَرِيءٌ . والمصدر: جُرْأَةٌ، وجَرَاءةٌ .

اِجترَأَ على الشيء

:    تَشَجَّـع. والمراد هنا: أنه لا يجترئ عليه أحَدٌ لِمَهَابَتِهِ صلى الله عليه وسلم ، ولكنَّ أسامَة له إِدْلال ومَنْزِلَةٌ عند رسولِ اللّه صلى الله عليه وسلم ، فهو يَجْسُرُ على ذلك.

الحِبُّ

:    المَحْبوب. ج أحْبَاب، وحِبَّانٌ .

كَلَّم

:    المراد به هنا شَفَعَ.

شَفَعَ لِفُلان إِلى فلانٍ في كذا (-َ)

:    طَلَبَ إليه أن يُعَاوِنَهُ فيه. فهو شَفِيعٌ وشَافِـعٌ وسُمِّيَ الشافِعُ شافعاً لأنه يَضُمُّ طلَبه إلى طلب المَشْفُوعِ له. والمصدر: شَفَاعَةٌ . تقول: اِشْفَعْ لي إلى المديرِ في سَفَرِي إلى مكةَ.

الحَـدُّ

:    حَدُّ الشيءِ: طَرَفُه. وفي اصطلاح الشَّرْعِ: عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ وَجَبَتْ على الجاني. ج حُدًودٌ .

اِخْـتَطَبَ

:    خَـطَبَ.

الشَّـرَفُ

:    المَجْـدُ والحَسَبُ وعُلُوُّ المَنْـزِلَةِ. والشَّرِيف: صاحبُ الشَّرَف. ج شُرَفَاءُ وأشْرَافٌ .

الضَّـعِيف

:    المراد بالضعيف هنا الوَضِيع وهو ضد الشَّرِيف.

أقـام الحـدَّ

:    نَـفَّـذَ5ُ.

هَـلَكَ (-َ)

:    مات. المصـدر: هَلَاكٌ ، وتَهْلُكَـةٌ . وأَهْلَكَهُ: جعله يَهْلِكُ.

اَيْـمُ اللَّـهِ

:    كلمـةُ قَسَمٍ. همزتها همزة وصل. يقال: وَايـمُ اللَّهِ، لأفْعَلَنَّ كذا.

ب ـ إيضاحات نحوية

1-

(إِنَّـما أَهْلَكَ…) "إِنَّـما" هي "إِنَّ " دخلت عليهـا "ما الكـافَّةُ" فكَفَّتْها عن العمل.

 

   وتفيد "إِنـما" التَّعْيِين، وهو إِثباتُ الحكمِ للمذكور، ونَفْيُه عما عداه، نحو: {إِنما الصدقاتُ للفُقَرَاءِ... } (التوبة: 60).

 

   تدخل "إِنـما" على الجملة الفعلية أيضا كـما في الحديث، وكـما في قوله تعالى: {قُـلْ إِنـما يُوحَي إِليَّ أَنما إِلهكم إِلـهٌ واحـدٌ ... } (الأبياء: 108).

2-

 

(إِنـما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا...). فاعل (أهلك) المصدر الـمُؤَوّل، وتقديره: أهلك الذين من قبلكم كونُهم يتركون الشريفَ وُيقيمون الحدَّ على الضعيف.

3-

(لو أن فاطمـة... سرقت لقطعت يدها). تسمى "لو" حرفَ امتنـاعٍ لامتناعٍ " أي امْتِنَاع الجواب لامتناعِ الشَّرْطِ. فمعنى قولنا: "لو اجتهدتَ لنجحتَ " أنك ما اجتهدت، ولذلك لم تَنْجَحْ.

 

   إِذَنْ: " لو" تفيد ثلاثةَ أمورٍ :

 

(1) الشرطيَّة.

  (2) وتَقْيِيد الشرطية بالزمن الماضي.

 

(3) وامتناع السبب.

        تلي "لو" إِما جملة فعلية، نحو: لو أَتَيْتَني لأتَيْتُك.

 

    وإِما "أَنَّ " وصِلَتُها، نحو: "لو أَنّ فاطمة بنتَ محمد سرقت لقطعت يدها".

 

   وجواب "لو" المثْبَتُ اقترَانه باللام أكثر كـما في الأمثلة السابقة. وقد تحذف كـما في هذا الحديث الشريف: "لو أَنَّ ابنَ آدمَ أُعْطِيَ واديًا مَلآنَ من ذَهَبٍ أَحَبَّ إِليه ثانياً... ".

 

   أما جوابُها المنْفِيُّ فَعَـدَمُ اقـترانِها باللام أكثر، نحو: قوله تعالى:{ولَوْ شَاءَ اللَّهُ ما فَعَلُوه }. (الأنعام: 137).

 

   وإليك أمثلة أخرى لـ "لو".

 

(1) لو رأيتَ ذاك المَنْظَرَ لأعْجَبَكَ.

 

(2) لو لم أمْرَضْ في أثناء الاختبار لنجحت بتقديرِ ممتازٍ .

 

(3) لو عرفتُ أنك قادم ما سافرت.

جـ ـ من الجوانب البلاغية

   في قول النبي صلى الله عليه وسلم : " أتشفـع في حد من حدود اللّه؟ " استفهام إِنكاريّ معناه الاسْتِنْكار وعَدَمُ القَبُول، أي أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يُنْكِر على أسامةَ هذه الشفاعةَ، أي لا يَصِحُّ لك يا أسامةُ أن تشفع في حدٍّ من حدودِ اللَّهِ.

   وكذلك في قولهم: "من يجترئ عليه إلا أسامة؟ " استفهام إنكاري بمعنى النفيُ أي لا أحدَ إلا أسامةُ يجترئ عليه فيشفع فيه.

د ـ ما يستفاد من النص

ا-

حِرص رسولِ اللّه صلى الله عليه وسلم على تأكيد مَبْدَأ العَدْلِ والمُسَاوَاة بين الناس.

2-

كل إِنسان يَنَال جزاءَ عَمَلِهِ، خيرا أو شرا، دون النَظَرِ إلى الأنْسَاب والأحْساَب.

3-

حدودُ اللّه تُقام على الجميع، فلا تَسْقُط لِقَرَابَةٍ ، ولا تُخَفَّفُ لهَوًى.

 

هـ ـ أسـئلة وتمـارين

 
 

1-

أجب عن الأسئلة الآتية:

 

(1) ماذا أراد الناس عندما سرقت المرأة المخزومية؟

 

(2) من الذي اختاره الناسُ ليكلّم النبيَّ صلى الله عليه وسلم فيها؟ ولم اختاروه؟

 

(3) ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما سمع الشفاعة؟

 

(4) ما الذي أهلك الأمَمَ السابقة؟

 

(5) يتضمّن الحديثُ مبدأ من المبادئ الإسلامية العظيمة. فـما هو؟

 

(6) ما اسم المرأة المخزومية؟

2-

من قال هذا؟ ولمن؟:

 

(1) "أتشفع في حد من حدود اللّه؟ ".

 

(2) "وايـم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".

3-

بين نوع الاستفهام فيما يأتي:

 

(1) "من يكلم فيها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ؟".

 

(2) "من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد؟ ".

 

(3) "أتشفع في حد من حدود اللّه؟ ".

4-

استخرج من النص ما يلي:

 

(1) علما ممنوعا من الصرف.

 

(2) فعلا ثلاثيا دخلت عليه همزة التعدية.

 

(3) بَـدَلا.

 

(4) فعلا ثلاثيا مزيدا من باب " افْتَعَلَ ".

 

(5) نعتا مجرورا.

5-

أ- ماذا تفيد " لو"؟

 

ب- هات ثلاثة أمثلة من إنشائك توضّح معنى "لو".

6-

(أ) ماذا تفيد " إنما "؟

 

(ب) أدخل " إنما " على جملتين، إحداهما اسمية، والأخرى فعلية.

7-

هـات جمع الأسماء الآتية:

 

امرأ ة- حَـدّ- شَريف- حِـبّ.

8-

هـات مصادر الأفعال الآتية:

 

سـرق- شـفع- هـلك.

9-

أدخل كل كلمة مما يأتي في جملة مفيدة:

 

كلّـم- شفع- أهـلك.

 

 

 

 


(*) أخرجه البخاري في (فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وأحاديث الأنبياء، والحدود)، ومسلم في (الحدود).