الـدرس الثامن

 
 

وجوب توحيد اللّه تعالى

 

 قال اللّه تعالى:

 

 

 (الآيات من 163 إلى 167 من سورة البقرة)

 

معاني المفردات:

الكلمة معناها

الإله

كل ما عبد.

الرحمن

وصف على وزن فعلان معناه كثير الرحمة وهو خاص بالله تعالى.

الرحيم

وصف على وزن فعيل معناه كثير الرحمة.

الفلك

السفينة (ويطلق على المفرد والجمع ويذكر ويؤنث).

بَثَّ

نَشَرَ وفَرَّقَ. بَثَّ يَبُثُّ والمصدر بث.

الدَابَّةُ

كلُ حيوان في الأرض وجمعها: دواب.

وتصريف الرياح

توجيهها وتدبير أمرها، والرياح جمع ريح وهو الهواء إذا تحرك.

والسحاب

الغيم وجمعه سحب، والقطعة منه سحابة.

المسخر

المذلل، المقهور.

أنداد

جمع ند بمعنى مثل.

كرة

رجعة، وعودة، مرة أخرى.

الأسباب

جمع سبب وهو الصلة والعلاقة.

حسرات

جمع حسرة وهي شدة الحزن.

 

الإعراب :

   تأمل ما يلي:

   1- {لا إله إلا هو}: لا نافية للجنس وإله اسمها و إلا أداة استثناء "هو" بدل من محل لا النافية للجنس واسمها.

   2- {إن في خلق السماوات والأرض…………لآيات لقوم يعقلون} اللام المزحلقة دخلت على اسم إن المتأخر عن خبرها الذي هو شبه جملة (في خلق السموات)، آيات اسم إن منصوب بالكسرة لأنه جمع بالألف والتاء.

   3- { بما ينفع الناس }: ما هنا إما مصدرية وإما موصولة.

   4- {ومن الناس من يتخذ }………… هذه من التبعيضية.

   5-  {كحب الله }: مصدر مضاف إلى المفعول والفاعل محذوف أي المؤمنين.

   6- {والذين ءَامنوا أشد حبا لله} حبا تمييز النسبة منصوب محوّل عن الفاعل.

   7- {وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم} لو هنا للتمني والفاء فاء السببية والفعل منصوب بأن مضمرة وجوبا.

   8- {كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم}.

   يُري إما أن تكون بصرية فتكون حسرات حالاً. وإما أن تكون قلبية فتكون حسرات المفعول الثالث.

   9- {وما هم بخارجين من النار}.

   ما الحجازية العاملة عمل ليس، و زيدت الباء في خبرها.

التفسير:

   قوله تعالى: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم}.

   يخبر الله تعالى عن تفرده بالألوهية وأنه لا شريك له ولا عديل. بل هو الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي وسعت رحمته كل شيء في الدنيا وخص بها في الآخرة المؤمنين به. وقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  : "اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم} {الم. الله لا إله إلا هو الحي القيوم}" أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه.

   قوله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض…} الآية. لما بين سبحانه تعالى أمر التوحيد وأشار إلى أنه أول ما يجب بيانه ويحرم كتمانه في الآيات السابقة عقب ذلك بالدليل الدال عليه، وهو هذه الأمور التي هي من أعظم صنعة الصانع الحكيم سبحانه والتي لا يتأتى من الآلهة التي أثبتها المشركون أن تقدر على شيء منها. وهي: خلق السموات والأرض، وتعاقب الليل والنهار واختلافها ظلمة ونوراً، وجَرْيُ الفُلْكِ في البحر، وإنزال المطر من السماء وإحياء الأرض به وبث الدواب فيها بسببه وتصريف الرياح شمالا وجنوباً وشرقاً وغربا ورحمة وعذابا ومُلقحة وعقيما. فإن من فكر فيها بل في واحدة منها كان لزاماً عليه التصديق بأن صانعها هو الله سبحانه وتعالى.

   روي عن أبي الضحى قال: لما نزلت، {وإلهكم إلـه واحد…} قال المشركون إن كان هكذا فَلْيَأْتِنا بآية، فأنزل اللّه عز وجل: {إنَّ في خلق السموات والأرض…} الآية. رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم و البيهقي في الشعب وغيرهم.

   قوله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين ءامنوا أشد حبا لله….}.

   وبعد أن ذكر سبحانه وتعالى الدليل على وحدانيته، أخبر أنه مع هذا الدليل الظاهر المفيد لعظيم سلطانه وجليل قدرته وتفرده بالخلق قد وجد في الناس من يتخذ معه سبحانه نداً يعبده من الأصنام والأشخاص والملائكة والجن والأموات من الصالحين والرؤساء وعلماء السوء في طاعتهم إياهم في معصية الله تعالى مع أن هؤلاء المشركين لم يقتصروا على مجرد عبادة الأنداد بل أحبوها حبا عظيما وبالغوا في ذلك حتى صار حبهم إياها متمكنا في صدورهم كتمكن حب المؤمنين لله سبحانه وتعالى.

   وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: أيُّ الذنب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك" الحديث.

   وفي قوله تعالى: {والذين ءامنوا أشد حبا لله}.

   أخبر سبحانه وتعالى أن المؤمنين يحبون الله عز وجل حبا لا يعدلُه حب هؤلاء لآلهتهم مهما بالغوا في حبها، وذلك لأن حب المؤمنين ربهم خالص لا يخالطه شيء آخر. أما هؤلاء المشركون فأنهم إنما يعبدونها لتقربهم إلى الله زلفى كما يزعمون.

   قوله تعالى: {ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب}.

   أي: ولـو يرى الـذين ظلموا أنفسهم بشركهم بالله حين يرون العذاب في الآخرة بسبب شركهم أَنْ لا قوة لآلهتهم بل القوة لله جميعا وأنه شديد العقاب، لَعَلِموا ضَرَرَ اْتِّخاذِهم الآلهةَ التي يعبدونها من دون اللّه. فعلى ذلك يكون جواب "لو" محذوفاً.

   قوله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب}.

   حينئذ تتبرأ الآلهة التي عبدت من دون الله من عابديها الذين أشركوها مع الله فتبرأ الملائكة والجن والرؤساء والعلماء والأصنام والأشجار والأحجار والنجوم والكواكب ممن عبدوها من دون الله. عند ذلك يتمنى المشركون أن يعودوا إلى الدنيا ليتبرءوا من عبادتهم لآلهتهم ويوحدون الله التوحيد الكامل وهو في ذلك كاذبون لأن الله تعالى يقول فيهم وفي أمثالهم {ولو ردُّوا لعادوا لما نهوا عنه}.

   وذلك قوله تعالى: {وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كـما تبرءوا منا}.

   قوله تعالى: {كذلك يريهم اللّه أعمالَهم حسراتٍ عليهم وما هم بخرجين من النار}.

   أي أنهم مثل ما رأوا شركاءهم وكبراءهم وتخاصموا فيما بينهم وتحاجُّوا في النار فإِن اللّه يريهم الأعمال التي عملوها في الدنيا فيتحسرون عندما يجدونها هَباء منثوراً لا تقرِّبهم من الجنة ولا تخفف عنهم من العذاب شيئاً بل يجدون أنفسهم ماكثين في النار خالدين فيها أبدا و بئس المصير.

ما ترشد إليه الآيات:

1- وجوب توحيد الله سبحانه وإفراده بالعبودية.

2- أن التفكُّر في عظيم خلق اللّه واْتّساع مَلَكُوتِه تَفُكَّرا سليما يؤدي إلى توحيده سبحانه.

3- أن من الناس من عَمِيَت بَصَائِرُهم وأغْلِقَتْ قلوبُهم فلا ينتفعون بآيات الله الدالة على توحيده تعالى ولُزوم طاعَتِهِ.

4- أن المشركين يَتَحَسَّرُون يومَ القيامة على شِركَهم حيثُ يُعَانُونَ عذاب الله الشديد.

5- أن الآلهة التي تعبد من دون اللّه تبرأ إلى اللّه يوم القيامة من عابديها وتبتعد عنهم، وتتقطع أحبال المودة والصلة التي كانت بينهم في الدنيا.

6- أن المشركين يَخْلُدُون في النار ولا يخرجون منها أبدا.

 

المناقشـة:

 
 

1- اشرح الكلمات الآتية:

 

الفُلْك – الدَابَّة - الرِيح - ا لسَّحاب – الكرَّة - النِّد.

2- هـات جمع الكلمات السابقة.

3- اشرح الآيات شرحا مختصرا.

4- بين مـا يستفاد من هذه الآيات.

5- استخرج من الآيات دليلاً على خلود الكفار في النار.

6- اذكر النص الذي يستفاد منه تخاصم العابدين مع المعبودين يوم القيامة.

7- اذكر الآية التي تضمنت بيان قدرة اللّه وعظمته وتدبيره الحكيم.