الـدرس التاسع

 
 

بطلان عقيدة النصارى

 

قال اللّه تعالى:

 

 

(الآيات من 72 إلى 76 من سورة المائدة)

 

معـاني الكلمـات:

الكلمة

معناها

حَرَّمَ

حَرَّمَ الله الشيء جَعَلَهُ حَرَاماً وضِدَّهُ: أحَلَّ أي جَعَلَهُ حلالاً.

مَأْواهُ

المأوى، المسكن، المنزل.

أنصار

جمع: نصير أي: أعوان.

ثالث ثلاثة

واحدٌ من آلهة ثلاثة.

ينتهوا

انتهى عن الشيء: تركه ورجع عنه.

ليمسن

مسه العذاب: أصابه. ومس الشيء: لمسه بيده. من باب: فعل – يفعل.

أَلِيم

بمعنى مؤلم- أي شدِيدُ الألم.

خَلَتْ

خَلا: مَضَى وذَهَبَ.

صدِّيقَةْ

مُصَدِّقَةٌ، مؤمِنة باللّه تعالى وكَلِمَاتهِ ورُسلِهِ بِكُلِّ ما جاء من عنده تعالى.

نُبيّنُ

بَينًّ الشيء: أَوْضَحَه.

أَنِّى

كَيْفَ.

يُؤْفَكُونَ

أفـكً فلاناً عن الشيء: صَرَفَهُ عنه. يُؤْفَكُونَ: يُصْرَفون عن قبول الحق، يقال: أَفَكَ، يَأْفِكُ صَرَفَ يَصْرِفُ، ويأتي أفَكَ بمعنى: كَذَبَ وافترَى.

الضر

ضد النَّفْعِ.

إسرائيل

لقب يعقوب عليه السلام. و بنو إسرائيل المراد بهم (هنا) اليهود الذين بعث فيهم عيسى عليه السلام.

الإعراب:

   تأمل في الآيات الكريمة ما يلي:

   1- قول الله تعالى: {من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة}.

   من: اسم شرط جازم يجزم فعلين.

   يشرك: شرط مجزوم بـ(من).

   فقد حرم: جواب الشرط.

   إذا كان جواب الشرط جملة فعلية فعلها مقرون بـ (قد) يجب اقترانه بالفاء.

   ومن شواهدها في القرآن أيضاً.

   قوله تعالى: {ومَنْ يُطع اللّهَ ورَسوله فقدْ فازَ فوْزْا عظيما}

   {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أخٌ له من قَبْلُ}.

   2- قوله تعالى: {ثُمَّ أنْظُرْ أَنَّى يُؤفَكُونَ}.

   أَنَّى: كيف. ولها معانٍ أُخْرَى:

   فتأتي بمعنى (مَتَى). نحو: أَنَّى جِئْتَ؟

   وتأتي بمعنى (مِنْ أَيْنَ). كـما في قوله تعالى: {يا مريم أنَّى لك هذا}.

   وقـد تتضمن معنى الشرط فتجـزم فعلين: نحـو: أَنَّى تَجْلِسْ أَجْلِسْ. وهي هنا بمعنى (أين).

   3- قوله تعالى: {لَيَمَسَّنَ الذين كفروا}.

   يَمَسّ: فعلٌ مضارع مؤكد بالنون.

   يجب توكيد الفعـل المضـارع بالنـون إذا كان جوابـاً لِقَسَمٍ مثبتـاً مستقبـلاً. نحـو: "واللَّهِ لأَحْفَظَنَّ القرآنَ". "واللّه لأُجَاهِدَنَّ في سبيل اللّه"- وقوله تعالى: {وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ}.

   ولا يجوز توكيدُ المضارع الواقِع جوابا لقسم إذا كان مَنْفِيًّا. نحو: "واللّه لا نـترُكُ الكُفَّارَ ينشرون دينهم في بلادنا".

   4- قوله تعالى: {وإِن لم ينتهوا عما يقولون ليمسَّنَّ الذين كفروا}.

   يتكون من:

   أ- إن لم يَنْتَهُوا يَمَسَّ الذين كفروا منهم عذابٌ أليمٌ (شرط وجوابه).

   ب- واللّه لَيَمَسَّنَّ الذين كفروا منهم عذاب أليم. (قسم وجوابه).

   إذا اجتمع شرط وقَسَمٌ كان الجواب للسابق منهما وكان جواب المتأخر محذوفا. مثال ذلك:

   1- إِنْ تُسَافِرْ أُسَافِرْ.

   2- واللّه لأَسافِرَنَّ.

   إذا قدمنا القسم قلنا: واللّه إن تسافِرْ لأسافِرَنَّ.

   هنا الجواب للقسم. وإذا قدمنا الشرط قلنا: إِنْ تُسَافِرْ واللَّهِ أُسَافِرْ. هنا الجواب للشرط. وفي الآية الكريمة الجواب للقسم لأنه السابق، والقسم محذوف تقـديره: "واللّه إن لم…" ويدل على وجـود القسم "اللام " الداخلة على الفعل "ليمسنَّ".

التفسير:

   قول اللّه تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذينَ قالوا إِنَّ اللَّهَ هو المسيحُ ابنُ مريم وقال المسيحُ يبنى إسرائيلَ اعبدوا اللَّهَ رَبّى ورَبَّكم إنَّهُ من يشركْ باللَّهِ فَقَدْ حرَّم اللَّهُ عليه الجنةَ ومأواه النارُ وما للظالمينَ من أنصارٍ}.

   يُخْبِرُ تعالى حاكـما بتكفير النصارى الذين قالوا إن المسيح هو اللّه تعالى اللّه عن قولهم وتَنَزَّه وتَقَدَّسَ. وقد سبق أن قال المسيح في المهْد: {إني عبد اللّه} ولم يقل: إنّي أنا اللّه. ثم قال لهم في كُهُولَتِه ونبُوَّته آمراً لهم بعبادة اللّه ربه وربِّهم وحدَه لا شريك له {اُعْبُدوا اللّه رَبِّى وربَّكم} لأن الذي يُشرِكُ بعبادة ربِّه أحداً قد أَوْجَبَ اللّه له النارَ وحَرَّم عليه الجنةَ، وليس للظالم أي المشركِ ناصرٌ ولا مانِعٌ مما هو فيه.

   قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ}. يَحْكِي اللّه كفْرَ النصارى المثَلِّثِين سَواء منهم من قال: إن الثلاثةَ هي: الأبُ والابنُ والروحُ القُدُس أو الأب والابن والكَلِمَةُ المنْبَثِقَةُ من الأب إلى الابن أو الذين اتخذوا المسيحَ وأُمَّه إِلهَيْنِ من دون اللّه فجعلوا الإلهَ ثلاثةً فكل ذلك كُفْرٌ . ولا إله إلا اللّه الواحد الأحد ولهذا قال تعالى: {وما من إله إلا إله واحد} ليس متعدداً بل هو فردٌ لا شريك له وهو إله جميع الكائنات.

   وقوله تعالى: {وإنْ لَمْ ينتهوا عمَّا يقولونَ لَيَمَسَّنَّ الذين كفروا منهم عذابٌ أليمٌ} أي لَئِنْ لم يَرْجِعـوا عن هذا الافـترَاء والكَذِب لَيَذُوقُنَّ العذابَ الأليمَ في الآخرة.

   قوله تعالى: {أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللّه ويَسْتَغْفِرُونَه واللّه غفورٌ رحيمٌ}.

   وهذا من كَرَمِه تعالى ورَحْمَتِه بعباده يدعوهم إلى التوبة من هذا الإِثْمِ العظيم وهذا الافتراء الكبير فكُلُّ مَنْ تَابَ إِلَيْهِ تَابَ عليه وغَفَرَ له. قوله تعالى: {ما المسيحُ اْبْنُ مريم  إِلا رَسُول قَدْ خَلَتْ من قَبْلِه الرُّسُلُ }.

   يُخْبِر اللّه تعالى مُبَيِّنا حقيقةَ عيسى ومُبَرْهِنًا على إِنسانيته فهو رسول مثل الرسل السابقين لا فَرْقَ بينَه وبينهم قد سَبَقَه نوحٌ وإِبراهيمُ ومُوسى وعددٌ كبير من الرسل وليسوا جميعا آلِهَةً بل هم بشر أرسلهم اللّه إلى عباده ليكونوا منهم.

   { وأمه صِدِّيقَة } أي أمُّه مُؤْمِنَة بِرَبِّها مُصَدِّقَةٌ برسالة عيسى وبما يأتي من عند الله وليست إلهة بل هي بشرٌ أيضاً.

   ثم يأتي سبحانه بالدليل على بَشَرِيَّة عيسى وأمِّه فيقول تعالى: {كانا يأكلان الطَّعامَ}. والذي يأكل الطعام مخلوق وليس إلَها فهو محتاج إلى التَّغْذِيَةِ بالطعام وإخراجه، ثم قال تعالى: {اْنْظُرْ كَيْفَ نُبَيّنُ لهم الآياتِ ثم انظر أَنَّى يؤفكون} أي انظر كيف نُوَضِّح لهم الأَدِلَّةَ والبَرَاهِينَ ومع ذلك هم يَضِلُّون ويَفترُون ويَتَمَسَّكون بالباطل.

   وقـوله تعالى: {قُلْ أَتَعْبُدُون مِنْ دُونِ اللّه ما لا يَمْلِكُ لكم ضَرًّا ولا نَفْعًا واللَّهُ هو السميعُ العليمُ}.

   أي قل يا محمد للذين يعبدون آلِهةً غيرَ اللّه من النَّصَارَى واليهودِ ومُشْرِكِي العَرَب وغيرِهم من عَبَدَةِ الأصنام والأوْثَانِ والنُّجُومِ والكَوَاكِب والأشجار والأَحجار وغير ذلك قل لِكُلِّ هؤلاء: أتعبدون من دون اللّه مَا لا يقدِرُ على دَفْعِ ضَرٍّ. عنكم ولا إِيصالِ نَفْعٍ إليكم، {واللّه هُوَ السميعٌ العليمُ} أي الـذي يسمـع أقـوالَ عِبَادِهِ ويَعْلَمُ كلَّ شيء عنهم فكيف تعدِلون عنه إلى عِبادة غيره مما لا يسمعُ ولا يُبْصِرُ ولا يغني عنكم شيئاً؟.

ما ترشد إليه الآيات:

   ترشدنا هذه الآيات إلى ما يأتي:

أ- كُفْر فِرَقِ النَّصَارَى القائلين بأن المسيحَ هو اللّه وكذلك القائلين بالتًّثْلِيث.

2- إِقامة الدليلِ على بَشَرِيَّة عِيسى وأُمِّه مثل سائر المؤمنين من عباد اللّه فهو رسولٌ مثل الرسل وهي صِدِّيقة.

3- أن الشرك يُوجِبُ لصاحبه النارَ ويحرِّم عليه الجنةَ.

4- أن اللّه يغفر الذنوبَ جميعا وَيقْبَلُ توبةَ عِبَادِهِ.

5- أن المشركين لا يفكِّرون تفكيراً جَيِّدا لأنهم يشركون مع بيان أَدِلَّة التوحيد.

 

المناقشـة:

 
 

1-

أجب عن الأسئلة الآتية:

 

أ- لقد بيّن الله كُفْرَ النصارى في هذه الآيات فـما سببُ كُفْرِهم؟

 

ب- جاء في الآيات برهانٌ على بَشَرِيَّة عيسى وأمِّه، ما هذا البرهان؟

 

جـ- ما جزاء من أشرك باللّه؟

2-

هـات مضارع الأفعال الآتية ومصادرها:
 

كَفَرَ – عَبَدَ – أشْرَكَ – تَابَ – اسْتَغْفَرَ - خلاَ.

3-

ما نوع اللام في (لقد)؟

4-

استخرج من الآيات ما يأتي:
  أ- إنَّ واسْمَها وخَبَرها.

 

ب- كان واسْمَها وخبرها.

 

جـ- اسم فاعل.

 

د- جَمْعَي تكسير.

 

هـ- شرطاً وبينَ جوابَ الشرط.

5-

اذكر ما يستفاد من الآيات.