الدرس الرابع

 
 

(السـحِّر)

 
 

المدرس:

نريد- في هذا الدرس- أن نعرف أمراً من الأمور التي تُخالف جناب التوحيد، وتُوْصل صاحبها إلى الشرك إذا لم يَتُبْ منها. حتى نحذر منه، ونعرف حقيقته وخطره على الناس. إنه السِّحرُ.

عمـر:

ما معنى السحر؟

المدرس:

السِّحرُ لغةً: الأْخْذَةُ. وكل ما لطُف مأْخذُه (سببه) ودقَّ فهو سِحر. والجمع: أسحار وسُحور، والفاعل: ساحر، وجمعه: سحرةٌ . ومعنى السِّحر شرعاً: صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره في الظاهر، فكأن الساحر لما جاء بالباطل وصَوَّر الشيء على غير حقيقته قد سحر الشيء عن وجهه، أي: قلبه بسحره.

أحمـد:

عرفنا أن الفاعل للسحر يقال له ساحر. فمن الذي يأمره بهذا العمل الباطل؟ وكيف يأتي بالسحر؟

المدرس:

إن السحر فِعْل خفي السَّبب، ظاهر الأثر، يفعله من أطاع الشيطان وأشرك باللّه تعالى. وإن الشيطان هو الذي يأمر الساحر بعمل السحر الذي يضر الساحرين ولا ينفعهم.

 

قال اللّه تعالى: { وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلّمُونَ النَّاسَ السّحْرَ... } الآية. إلى أن قال اللّه تعالى: { وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَن اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوا بِهِ أنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون }.

 

(الآية 152 من سورة البقرة).

 

   ومن خلال هذا النص يتبين لنا أن السحر لا ينفع من يفعله، بل يَضُرُّه، ثم إن الفاعلين للسحر انصرفوا عن كتاب اللّه تعالى، وأخذوا السحر الذي تَقَوَّلتهُ الشياطين.

مسـعود:

ما الفرق بين الفعلين: (اشْتَرى وشَرَى) من جهة المعنى؟

المدرس :

إن الفعل: (اشترى) يعنى: دفع ثمنا لشيء يأخذه من البائع، كقولك: اشتريت ثلاثة أقلام ودفعت الثَّمن ريالين. والمضارع من الفعل (اشْتَرى): (يَشْتري).

 

    وأما كلمة: (شَرى) فهي ضد اشترى. أي: باع ما عنده من شيء وأخذ ثمنه، كقول اللّه تعالى- في سورة يوسف-: { و شروه بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ }. أي باعـوه وأخذوا ثمنه دراهم معدودة. والمضارع من الفعل: (شَر ى): (يَشْرى).

 

   وعلى هذا المعنى، يكون في الآية الإخبارُ عن حال الذين اشتروا السحر واستبدلوه بأنفسهم التي جعلوها ثمناً للسحر، فأوقعوها في العذاب الشديد وذلك الخسران المبين.

سليمان:

ما معنى قول اللّه تعالى: { ما له في الآخرة من خلاق }؟

المدرس:

هذه جملة مسبوقة بنفي. وكلمة (خَلاق) بمعنى: (حظ. أو دين. أو نصيب). فمعنى الآيـة: أنه من اشترى السحر، أي تعلَّمه أو عمل به ليس له من حظٍّ ولا دين ولا نصيب يوم القيامة، إذْ يأتي الناسُ بحسنات وهو لا شيء له منها، وذلك بسبب شركه باللّه تعالى وطاعته للشياطين في عمله بالسحر.

فيصل :

هل السحر من كبائر الذنوب أو من صغائرها؟

المدرس:

إن السحرَ من كبائر الذنوب، فإنه لا يأتي إلاّ بالشركِ، وفاعله مشرك إلاّ من تاب إلى اللّه تعالى. وإن من آثار السحر أنه يفرق بين المرء وزوجه، ويُوْرِثُ العَداوةَ بين الناس. ولا يقع السحر إلا بإذن اللّه تعالى. قال اللّه تعـالى: { وَمَـا هُم بِضَـارّينَ بِهِ مِنْ أَحَـدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّه…. } (الآية 102 من سورة البقرة).

 

   وإليكم الدليل من السنة النبوية على تحريم السحر في حديث يُعرَفُ بحديث (السَّبعِ المُوبِقاتِ). فعن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه- صلى الله عليه وسلم-: " اجتنبُوا السَّبعَ المُوبقاتِ. قالُوا: يا رسُولَ اللّه. وما هُنَّ؟ قال: الشِّركُ باللّه، وَالسِّحرُ، وقتْلُ النَّفسِ الَّتي حرَّم اللّه إلاّ بالحقِّ، وأكلُ الرِّبا، وأكلُ مالِ اليتِيمِ، والتَّولِّي يوم الزَّحفِ، وقذْفُ المُحصنَاتِ الغافِلاتِ المُؤمِنَاتِ ".  (متفق عليه).

أسامة :

ما المعنى الذي تفيده عبارة: "اجتنبوا السبع ا لموبقات "؟

المدرس:

هذه الجملة تفيد النهي عن الاقتراب من سبع سيئاتٍ كبيرةٍ ، ولقد وصفهنّ رسول اللّه- صلى الله عليه وسلم- بالموبقات، أي المُهْلِكات، والموقعات صاحبهُنَّ في العذاب بسبب ما اقترفه من الإثم.

 

   إن كلمة اجتنبوا، تُفيد النهي عن الاقتراب، وهي أشد دلالةً في النهي من كلمة (لا تفعلوا). ومثالها قولك: " اجتنب النار ".

فيصل :

ما أعظمُ ذنب في هذه الموبقات؟

المدرس:

ابتدأ النص بذكر أكبر الكبائر. أعني: الشرك باللّه، والسحر،- وهو محل الشاهد في هذا الحديث- ثم جاء ذكرُ القتل بغير الحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، والقذف بالزنا ظلماً وعُدواناً.

عيسـى :

ما الرِّبا الذي ذُكر في السبع الموبقات؟

المدرس :

الربا زيادة غير مشروعة في المال من طُرق محرمة، وهو أنواع، فمنه: ربا الفضل: أي الزيادة في الكيل والوزن، كقول أحدهم: أعطني صاعاً من شعيرٍ أردُّه إليك صاعاً ونصفاً. ومنه ربا النسيئة. أيْ الزيادة في المال مقابل الأجل في الدَّين بين المحتاج وصاحب المال. كقول أحدهم: أعطني ألف ريالٍ أردها إليك بعد أجلٍ نسيئةً ألف ريال ومائة. وهناك أنواع كثيرة من الربا. نسأل اللّه تعالى أن يحفظ أموالنا منها.

 

   ولقد حرم اللّه هذه الأنواع من المعاملات في المال. قال تعالى: { يَأَيُّها الَّذِيْنَ آمَنُوا اتَّقُوْا اللّه وَذَرُوا مَا بَقىَ مِنَ الرِّبَا إنْ كُنْتُم مؤْمِنيْنَ }

 

(الآية 278 من سورة البقرة).

عمـر :

من اليتـيْمُ؟

المدرس :

اليتيْمُ من الناس: من مات أبوه، وهو صغير دون البُلوغ.

مصطـفى:

وما المراد بيوم الزحف، والتولي فيه؟

المدرس :

إن يوم الزحف، هو يوم القتال بين المسلمين وأعدائهم، ولا يجوز للمسلمين التولي، أي الفرار في ذلك اليوم. أعني: يوم القتال أمام أعداء الإسلام، بل يجب على المسلمين الثبات وعدم الفِرار، فإما النصر أو الشهادة في سبيل اللّه. قال اللّه تعالى: { يَأَيُّهَا الذَّيْنَ أَمَنُوا إذَا لَقِيْتُمْ فِئةً فَاْثْبُتُوا وَاْذْكُرُوا اللّه كَثِيْراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }.(الآية 45 من سورة الأنفال).

 

طـارق:

إنّ من السبع الموبقات: (قذف المُحْصنات المؤمنات الغافلات). نريد بيانا حول هذه العبارة.

المدرس :

إليك معنى هذه العبارة على النحو التالي:

 

   إن كلمة (قذْف): مصدر: قَذَفَ يَقْذِفُ، أي رَمَى يَرْمي، كقولك: قذف الولد حجارةً في الماء. أما معناها في هذا النص، فإنـه: الـرمي بلفظ يكون أشدَّ مِن الحجارة. إنه الرمي بالزنا، كأنْ يقول أحد الناس لامرأةٍ : " أنتِ زانيةُ " .

 

   والمُحْصنات: جمع مُحْصنةٍ ، وهي الحرة العفيفة، وهذا وصف للنساء اللاتي أحصنهن اللّه تعالى، أي: حفظهن من الوقوع في ما حرم. وسواء كن متزوجات أو غير متزوجات.

 

   والغَافِلات: البعيدات عن الباطل من قولٍ أو فعلٍ، ومفردهنّ: غَافِلة.

محمـد :

ما حكم الرجل الساحر إذا لم يتُبْ إلى اللّه؟

المدرس :

إن الساحر إذا لم يتُبْ إلى اللّه، حكمه أنه كافر ومشرك باللّه تعالى، ويُقْتل. قال جُنْدب- رضي اللّه عنه-: " حدُّ السَّاحر ضرْبُهُ بالسَّيْفِ ".  (رواه الترمذي).

 

   والآن من يذكر لنا بعض فوائد هذا الدرس؟

يونـس:

عرفت عِدَّةَ فوائد من دراستنا لموضوع السحر والسبع ا لموبقات. ومنها:

 

1- إن المعاصي والذنوب سببٌ في وقوع صاحبها في الإِثم والعذاب الأليم.

 

2- إن السحر من عمل الشيطان، وفاعله كافر إلاّ من تاب.

 

3- لقد حذَّرَنا الرسول محمد- صلى الله عليه وسلم - من الوقوع في ما حرم اللّه من أفعالٍ أو أقوالٍ كثيرة، ومنها: السبع الموبقات التي هي: (الشرك باللّه، والسحر، والقتل بغير الحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولّي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات).

 

4- إن السحر سبب في وقوع العداوة بين الناس.

 

5- إن السحر ليس من كرامات أولياء اللّه تعالى، بل هو من عمل الشيطان.

 

(اللغـة)

يَضُـر:

يأتي بالسوء والخسارة، ويؤذي. وعكس (يضر): يَنْفع أي: يأتي بالخير والفائدة.

تقول :

إنَّ الكفر يضر صاحبه، وإن العلم ينفع طالِبه.

بئْس :

سَاء، وهـذا اللفظ يأْتي في أسلوب الـذمَّ، وضـده: نِعْمَ، أي: حَسُنَ. يقال: بِئْس الرجلُ هذا إن كان كاذباً، ونعْمَ الرجلُ أخوك ا لصا دقُ.

فئَـة :

جماعة من الناس، والمثنى فِئتان، والجمع فِئاتٌ .

المعاصي:

جمع معْصيةٍ ، وهي مُخالفة الأمر، وضدها: الطاعة.

 

 

-التدريب-

 
 

استعمل هذه الكلمات في جمل مفيدة:

  (يضر- فـئـة- المعـاصي).

 

(المناقشة)

 
 

س 1:

بيّن معنى السحر، ثم اذكر حكم العمل به مع ذكر الدليل.

س 2:

يوصف الساحر بأنه مشرك. فما سبب هذا الوصف؟

س 3:

اذكر حديث السبع الموبقات. مع الضبط بالشكل.

س 4:

اذكر المفرد للكلمات الآتية: (الموبقات. المحصنات. الغافلات. المؤمنات. الفئات).

س 5:

هات عكس الكلمات آلاتية: (بئْس. شرى. يضر. معصية).

س 6:

في موضوعٍ مختصر تحدث عن السحر من جهة المعنى، والحكم والآثار الواقعة على الناس بسببه.